دخل لبنان رحلته مع الظلام من جديد. الأخبار التي أشاهدها حتى ساعة كتابة هذه المقالة متصاعدة. أعمال تخريب؛ وقطع طرق، وحرق إطارات!
كل تلك الممارسات تبين مستوى الخراب والتيه الذي بدأ لبنان يدخل به بكل سلاسة ويسر واطمئنان بفضل السياسيين والقيادات اللبنانية الذين يطيب لهم إشعال الشوارع بالفتن. القوى الأمنية تحاول ضبط الأمور في طرابلس واعتداءات على طواقم قنوات فضائية بشكل يكاد- للأسف – يُذكرنا ببعض أيام العراق!
للتو دخلت السنة الجديدة 2011 لم يودعنا شهر يناير بعد، ومع ذلك تمر كل هذه الأحداث العجيبة، من ثورة تونس التي لا ندري إلى ماذا ستؤول، نفس الشيء مظاهرات مستمرة ومطالبات دائمة بإقالة الحكومات المتعاقبة. نفس السوء حدث في لبنان، وكأن السنة تنذر بهياج وبثورات ومظاهرات في كل مكانٍ وعلى كل اتجاه. صحيح أنه حراك، وأن أسبابه معروفة لكننا لا ندري أين يذهب هذا الوضع بمصير المجتمعات.
تصاعد الأحداث السلبي في لبنان، كانت بوادره ظاهرة، من كلمات السياسيين في لبنان، إلى تسجيلات مسرّبة هزت الإعلام، إلى اللمز الذي يتبادله النواب فيما بينهم أثناء إلقاء كلماتهم في الاستشارات النيابية وليس نهاية بأنه لأول مرة في تاريخ لبنان يحدد نصرالله الرئيس “السني” للحكومة، وينحّي الرئيس “السني” من الحكومة، ما جعل بعض شعارات المظاهرات تلمح إلى أن نصرالله مثل المرشد الأعلى الروحي في لبنان يعين من يشاء ويقصي من يشاء، ما يطلق شرارة الفتنة التي تعيث فساداً في لبنان.
من يريد أن يشتري عقاراً في لبنان يلاحظ ضمن العقود بند “في حال نشوب حرب” لأن المسائل الجوهرية للخلاف بين الطوائف اللبنانية لم تحسم. الاتفاقيات التي وقعوها فيما بينهم هي “معاهدات هدنة”. حتى اتفاق الدوحة كان مجرد هدنة عليها تاريخ صلاحية وهو اليوم في مهب الريح بعد انسحاب الوزراء من الحكومة.
الأحداث الدامية في المنطقة مثيرة للاستغراب، الجميع يسأل إلى أين يسير هذا العالم؟! هل نحن أمام حروب جديدة ستستعر بين أطراف إقليمية، أم أن “حروب الآخرين في لبنان” هي قدر لبنان، كما يعبر غسان تويني؟!
الواضح أن الانفلات صورة صارت تفرض نفسها على كافة المشاهد، وكل ما سدت ثغرة برزت أخرى، ما جعل مجلة (الايكونوميست) تتوقع نشوب حرب مدمرة في منطقة الشرق الأوسط في العام الدامي، أقصد الجاري2011، ولسان حال الشعوب:
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أي جانبيك تميل؟!