المسؤولية التي وضعها المجتمع على هيئة مكافحة الفساد كبيرة. خيوط الفساد معقّدة، وحلّ كل عقدة يتطلب جرأةً وقدرة ويتطلب فوق ذلك حماية وصلاحيات، كنا في السابق نستحي أو نتحفظ على كلمة “فساد”، لكن أبو متعب قالها مراراً وتكراراً، وهناك مشاريع مغمورة، وهيئة مكافحة الفساد عثرت على “رشى المستثمرين”، وقد بدأت عملها بضبط الخلايا الفاسدة الصغيرة، ونتمنى أن يكون ذلك وصولاً إلى الخلايا الكبيرة.
الدوائر الحكومية الصغيرة في بعضها فساد كبير، سمعنا عن مواقع إلكترونية أُسست بمبالغ خرافية، وكذلك الأمر بتكاليف البناء التي لا تستحق كل المبالغ المهولة. بعض المباني تصل ملايين عدداً ثم ما إن تدخلها إلا وتجد نفسك في مبنى عادي لا يرقى لأن يكون بذلك المبلغ ولا بنصفه.
رئيس الهيئة محمد الشريف حضوره الإعلامي موفق، فهو يتواصل وينصت لأسئلة الناس، لأن الفساد أيها السادة حديث ألسنة الناس في مجالسهم، لم يعد سراً، والمواقع التفاعلية بدأت تطرح أسئلة كثيرة حول المجالات التي وقع فيها الفساد الواضح والصريح، والشريف لا ينكر ذلك، ولو أن بلدنا من دون فساد لما احتجنا إلى الهيئة. يقول الشريف في تصريحٍ جديد له يحثّ الناس على الإبلاغ عن الفاسدين: “الشروط التي يجب أن يشتملها البلاغ هي، أن يكون بخطاب موجه لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مع كتابة اسم المبلِّغ كاملاً مع التوقيع، ورقم الاتصال والعنوان، ورقم الهوية الوطنية. وأن يكون البلاغ جدِّياً، وواضحاً في صياغته، ومحدداً في موضوعه، وألا يتضمن شكاوى كيديَّة قد يتعرض مقدمها للمساءلة، وألا يكون قد تقدم بنفس البلاغ للهيئة، مع إرفاق الأدلة والقرائن إن وجدت، مع التزام الهيئة بالحفاظ على سرية هويته؛ إذا رغب في ذلك”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: ورقم الإبلاغ هذا:19991 سهل الحفظ، يمكن لمن علم عن قضية فساد في الدائرة التي يعمل بها أن يتواصل مع هذه الهيئة، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة.
أعلم وتعلمون أن الفساد عميق ومستشر أحياناً، وأن البعض يرى أن “الشق أكبر من الرقعة”، لكن لنتفاءل، ولنبدأ الطريق، وليكن الأمل أكبر من اليأس.
نتمنى أن نكون مثل الدول التي حسّنت من تصنيفها في القضاء على الفساد. حمى الله هذه الأرض من الفساد والفاسدين الذين يلوذون بجحورهم مبررين ما أخذوه.