من أقوى التصريحات التي صدرت من دولة عربية وإسلامية ضد مجازر القوات السورية بحق شعبها؛ هو تصريح رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان. هذا الرجل له شعبية كاسحة، والكل لا ينسى موقفه حين قام من المجلس بعد أن برر شمعون بيريز مجازره ضد الفلسطينيين، هذا موقفٌ إنساني بطبيعة الحال، وحينها تردد اسمه على ألسنة الكثير من الجماهير العربية، التي شدّها الموقف الجذّاب والذكي، والذي جاء بطريقة إنسانية. البعض قد يقول: إنه يمثّل أو يستعرض، لا ندري عن نواياه، لكن الأكيد أن رأفة تركيا بالعرب أكثر من رأفة العرب بأنفسهم!
عودةً إلى التصريح الذي أعنيه لنقرأ بعض سطوره:” إنّ مرحلة بدأت الآن في سوريا على غرار ما جرى من قبل في حلبجة العراقية، وحماة وحمص السوريتين، المجتمع الدولي ومن بينه تركيا سيتخذ حينها موقفاً أكثر صرامة ضد النظام السوري”. هذا التصريح شفى غليل المتابعين للمجازر الدامية التي يرتكبها النظام السوري ضد الشعب الأعزل المسالم، مطلقاً “الشبّيحة” في كل مكان، ومستخدماً التمثيل بالقتلى، والرقص على أجساد النساء بعد قتلهنّ! يأتي تصريح إردوغان ليقف مع شعور الإنسان الذي يتسمّر أمام الشاشة ويتألم من الخبر، لهذا يكسب ودّ متابعيه، ويحظى بالتقدير والتوقير، لأن مثل هذا التصريح لم يأتِ من دولة بعيدة، بل من تركيا التي تشترك مع سوريا بحدود تتجاوز 800 كيلو متر.
من أعجب الأخبار، أن أقلّ الناس شفقةً على العرب هم العرب أنفسهم، فالمجازر التي ترتكب ضد الليبيين والسوريين لم ترتكبها إسرائيل، التي شتمناها منذ نعومة أظفارنا، بل جاءت من زعماء حكموا هذه الشعوب عقوداً طويلة، يبيدون إبادات دامية كل من يخرج في الشارع. هذه الحالة الطغيانية تستحق الدراسة والتأمل. هذه الدموية الفجّة التي يمارسها الزعيم تجاه شعبه، وليس تجاه إسرائيل العدو التاريخي للعرب.
إن لسان حال الواقع العربي والقمع الذي يمارسه هؤلاء القادة ضد شعوبهم؛ يشبه ما كان يقوله عادل إمام في مسرحيته الشهيرة (الزعيم)، عندما دعا للقادة، ثم قال: “اللهم اخرب بيوتنا احنا يا شيخ. اللهم موت الشعوب كلها في يوم واحد، عشان الزعماء يصحوا الصبح ما يلاقوش(لايجدون) حد يحكموه!”
قال أبو عبدالله غفر الله له: ومن حسنات الثورات أنها فتحت أعيننا على الزعماء الذين استخدموا خدعة إسرائيل، وجبهات المقاومة والصمود، وهم حينها لم يكونوا سوى باعة كلام، إذ لم يطلق النظام الليبي أو السوري رصاصةً واحدة تجاه إسرائيل، لكنهم للأمانة صمّوا آذاننا بالكثير من الخطب الرنانة، والمملة، والجالبة للنعاس.
لإردوغان كاريزما لا يمكن إنكارها، وتصريحاته الأخيرة جاءت في الصميم، بعد تشكيك الناس بموقف تركيا من سوريا ومما يجري في ليبيا، وأتمنى أن لا تكون تصريحات إردوغان أيضاً “مجرد كلام”!
مقطع عادل امام http://www.youtube.com/watch?v=Pp8IrdX80Ok