• أوصى يحيى بن خالد ابنه، فقال: يا بُنيّ إذا حدّثك جليسك حديثاً، فأقبل عليه وأصغ إليه، ولا تقل: قد سمعته، وإن كنتَ أحفظُ له، وكأنكَ لم تسمعه إلاّ منه، فإنّ ذلك يكسبك المحبة والميل إليك.
• وأوصى رجلٌ ابنه فقال: يا بُنيّ! اصحب من إذا غبت عنه خلفك، وإن حضرت كنفك، وإن لقي صديقك استزاده لك، وإن لقي عدوّك كفّه عنك.
• وأوصى عُمَيْرَ بْنَ حَبِيبٍ بَنِيهِ فَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَمُجَالَسَةَ السُّفَهَاءِ، فَإِنَّ مُجَالَسَةَ السُّفَهَاءِ دَاءٌ». • ومن كلام يزيد بن المَهلَّب فيما أوصى ابنه مَخْلدا: إياك وأعراض الرجال، فإن الحُرَّ لا يُرْضِيه من عرضه شيء، واتَّقِ العقوبة في الأبشار، فإنها عار باقٍ وَوِتْرٌ مطلوب.
• وأوصى بعض الحكماء رجلًا، فقال: «آمرك بمجاهدة هواك، فإنه يقال: إن الهوى مفتاح السيئات، وخصيم الحسنات وكل أهوائك لك عدو، وأهواها هوًى يكتُمك في نفسه، وأعداها هوى يمثِّل لك الإثم في صورة التقوى، ولن تفصل بين هذه الخصوم إذا تناظرت لديك إلا بحزم لا يَشُوبه وَهَنٌ، وصِدْقٍ لا يَطْمَعُ فيه تكذيب، ومضاءٍ لا يقاربه التثبُّط، وصَبْرٍ لا يغتاله جَزَعٌ، ونية لا يقسمها التضييع».
• أوصى عمرو بن كلثوم التَّغْلَبي بنيه، فقال: «يا بُنيّ إني بلغت من العمر ما لم يبلغ أحد من آبائي وأجدادي، ولا بد من أمر مقتبل، وأن ينزل بي ما نزل بالآباء والأجداد، والأمهات والأولاد، فاحفظوا عني ما أوصيكم به: إني والله ما عَيَّرتُ رجلًا قط أمراً إلا عُيِّرَ بي مثله، إن حقاً فحقاً، وإن باطلاً فباطلاً، ومن سَبَّ سُبَّ، فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لأعراضكم، وصلوا أرحامكم، تعمر داركم، وأكرموا جاركم يحسن ثناؤكم (…) وإذا حُدِّثتُم فَعُوا، وإذا حَدَثتُم فأوجزوا، فإن مع الإكثار يكون الإهذار، وموت عاجل خير من ضنى آجل، وما بكيت من زمان إلا دهاني بعده زمان، وربما شجاني من لم يكن أمره عناني، وما عجبت من أحدوثة إلا رأيت بعدها أعجوبة، واعلموا أن أشجع القوم العطوف، وخير الموت تحت ظلال السيوف، ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا فيمن إذا عوتب لم يُعتِب…».
• وأوصى رجلٌ رجلاً أراد سفراً، فقال له: «آثر بعملك معادك، ولا تدع لشهوتك رشادك، وليكن عقلك وزيرك الذي يدعوك إلى الهدى، ويعصمك من الرَّدى، أَلْجِم هواك عن الفواحش، وأَطْلِقه في المكارم، فإنك تَبَرُّ بذلك سلفك، وتَشِيد شَرَفَك».
• أوصى عبدالملك بن صالح ابناً له، فقال: «أي بُنيّ: احْلُم، فإن من حَلُم ساد، ومن تفهَّم ازداد، والقَ أهل الخير فإن لقاءهم عمارةٌ للقلوب، ولا تَجْمَح بك مَطِيَّة اللِّجَاجِ، وفيك من أعتبك، والصاحب المناسب لك، والصبر على المكروه يعصم القلب، المُزاح يورث الضغائن، وحسن التدبير مع الكَفاف خيرٌ من الكثير مع الإسراف، والاقتصاد يُثَمِّر القليل، والإسراف يُبِير الكثير، ونِعْمَ الحظ القناعة، وشر ما صحِب المرء الحسد، وما كل عَوْرَة تصاب، وربما أبصر العميُّ رُشْدَه، وأخطأ البصير قَصْدَه، واليأس خير من الطلب إلى الناس، والعفَّة مع الحرفة خير من الغنى مع الفجور، ارْفُق في الطلب وأَجْمِل في المكسب، فإنه رب طلب، قد جرَّ إلى حَرَب، ليس كل طالب بمُنْجِح، ولا كل مُلِحٍّ بمحتاج، والمغبون من غُبِنَ نصيبه من الله، عاتب من رجوت عتباه، وفاكِهْ من أمنت بلواه، لا تكن مِضْحَاكًا من غير عجب، ولا مَشَّاء إلى غير أَرَب، ومن نأى عن الحق أضاق مذهبه، ومن اقتصر على حاله كان أنعم لباله، لا يكبُرَن عليك ظُلْمُ من ظلمك، فإنه إنما سعى في مضرته ونفعك، وعَوِّد نفسك السماح، وتخيَّر لها من كل خلق أحسنه، فإن الخير عادة، والشر لَجَاجة، والصُّدود آية المقت، والتعلل آية البخل، ومن الفقه كتمان السر، ولِقَاحُ المعرفة دراسة العلم، وطول التجارب زيادة في العقل، والقناعة راحة الأبدان، والشرف التقوى، والبلاغة معرفة رَتْق الكلام وفَتْقِه، بالعقل تستخرج الحكمة، وبالحلم يستخرج غَوْر العقل، ومن شَمَّر في الأمور، ركب البحور، شر القول ما نقض بعضُه بعضاً، ومن سعى بالنميمة حَذِره البعيد، ومَقَتَه القريب. ومن أطال النظر بإرادةٍ تامة أدرك الغاية، ومن توانى في نفسه ضاع».
*السفير السعودي لدى الإمارات.