لدينا أثرياء كثر، لكن عندنا فقراء أكثر. تزداد الثروات بسرعة، ولا يجد الأثرياء من يسألهم عن مصادر ثرواتهم. تزداد أرصدتهم بشكلٍ غامض. بعضهم يدخل إلى المنصب وهو شبه معدم، ثم يخرج من منصبه-إن خرج- وقد أكل الأخضر واليابس، ثم يبدأ مستعرضاً عبقرية جمعه للمال، بينما هو مصاص دماء يأكل أموال الناس بالباطل.
أحد التجّار أتى بمئات العمّال في مؤسسة النظافة التي يملكها، أجبر العمّال على توقيع استلام ألف ريال، بينما لا يقبضون سوى مئتي ريال في الواقع. بمعنى أنه يقوم باستغلالهم كأدوات عاملة من دون أن يمارس معهم أدنى شروط الاحترام الإنساني والآدمي. على كل حال “صحّتين على قلوبهم”! ولكن أين التبرعات؟
فلنقارن حال أثريائنا، الذين يسميهم بعض المتشددين سفّاحين بنموذج فريد في تاريخ البشرية ممثلاً بتبرعات اثنين من أغنى أغنياء العالم.
قبل أيام قليلة، تبرع ثاني أغنى رجل في العالم ويرين بفيت، البالغ من العمر 80 عاما، بـ99 في المئة من ثروته البالغة 47 مليار دولار وفق تقديرات مجلة «فوربس» الشهيرة.
أشرف أغنى رجلين في العالم – بيل جيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت» وويرن بفيت صاحب مجموعة «بيركشير» الصناعية على أضخم حملة تبرعات في تاريخ البشرية. شملت الحملة 40 مليارديرا تعهدوا بالتبرع بنصف ثرواتهم لجمعيات خيرية.
قال أبو عبد الله غفر الله له: تخيّل أن لديك مليونين وتتبرع بمليون، أو أن لديك عمارتين وتتبرع بعمارة.
إن بيل جيتس بسلوكه هذا يضرب بالنزعة البشرية الشرهة نحو الثراء والامتلاك من دون التفكير بالفقراء والمساكين عرض الحائط. بيل جيتس لم يكن شيوعياً، وليس رأسمالياً، وإنما إنسان حقيقي شعر من أعماق قلبه بضرورة الدخول بتحالف مع أخيه الإنسان ضد الفقر والجوع والمرض.
لا أريد أن أكون متشائماً لكن هذا المدعو بيل جيتس لو كان بين ظهرانينا لاستصدر بعض أقاربه الذين يريدون أن يرثوه حياً أو ميتاً قرارات بالحجر عليه فمن يتبرع بهكذا مبلغ، لا شكّ أنه “خبل”!