أما أسامة فهو أسامة بن زيد، مولى الرسول عليه الصلاة والسلام وابن مولاه، وحِبهُ وابن حِبه، والده زيد بن حارثة حِب الرسول· وفي أجواء المحبة ربى زيد أسامة تحت مظلة الحب النبوي· أم أيمن، بركة، مولاة الرسول عليه الصلاة والسلام وحاضنته هي أم أسامة· كان من قناعة الرسول بأسامة أن ولاه قيادة جيش مؤتة وفي الجيش أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب· ولم يكن أسامة يومها يبلغ من العمر أكثر من ستة عشر عاماً· مات النبي قبل أن يخرج الجيش، فكان أول عمل نفذه الصديق في ولايته إمضاء جيش أسامة· نقش خاتم أسامة: (أسامة حِب رسول الله)· وبعد الفتوحات وتوفر المال، فرض عمر بن الخطاب للناس فرضاً، ففرض لأسامة خمسة آلاف، ولعبدالله بن عمر، ألفين، فقال ابن عمر لوالده: فضلت عليّ أسامة! فرد عمر: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وكان أبوه أحب إلى رسول الله من أبيك!
وأما السبيعي، فهو عبدالله بن سعود السبيعي الذي قتل في عملية انتحارية أمام وزارة الداخلية السعودية، وقالت عنه ذات الوزارة: ”بدأ علاقته مع التكفيريين متعاوناً معهم من خلال استئجار السيارات وعمليات تهريب الأسلحة إذ كان هو من يقف وراء إدخال أسلحة ومتفجرات(···) وهو أحد المجرمين الذين نفذوا الاعتداء الآثم في مجمع الواحة السكني بالخبر حيث قام بالتمثيل بجثث الضحايا كما ساهم في تجهيز السيارة التي استخدمت في الاعتداء على مجمع المحيا السكني في شهر رمضان لعام 1424هـ، وشارك في الاعتداء على الأجانب ورجال الأمن، وتفيد المعلومات بتواريه عن الأنظار والتنقل متنكرا إلى أن قاده سوء عمله إلى نهايته المخزية، (إن الله لا يصلح عمل المفسدين)”· وجه والد السبيعي في 24/6/2005 نداءً إلى ابنه ليعود إلى صوابه، إثر عفو السلطات السعودية تجاه الإرهابيين إذا سلموا أنفسهم· وقال السبيعي الأب: ”نناشد (عبدالله) بتسليم نفسه والاستفادة من المهلة(···) وأقول له إن والدتك ووالدك وإخوتك يدعونك بتسليم نفسك لأقرب جهة أمنية ورضا الله تعالى من رضا الوالدين ولن نرضى عنك إلا بتسليم نفسك والعودة إلى الطريق القويم وهذه الفرصة عليك أن لا تضيعها هدراً···”· عندما أطلق الوالد النداء لم يكن يعلم أن ابنه ارتكب هجوماً في 6/6/2004 ضد صحافي ومصور تلفزيوني يعملان لصالح هيئة الإذاعة البريطانية ، عندما ترجل السبيعي من سيارته في حي السويدي واتجه إلى سيارتهم، وأطلق بضع رصاصات أردت المصور الأيرلندي سايمون كامبرس قتيلاً، ورصاصات أخرى أحالت الصحافي البريطاني فرانك غاردنر إلى ملازم لكرسي متحرك، مشلول الحركة في نصفه السفلي· المصيبة أن ذلك كله تم بعد أن ألقى السبيعي السلام على السيارة المستهدفه قائلاً: ”السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”، فرد غاردنر السلام بمثله، وكان السلام مؤذناً بوابل الرصاص!
أُسامة بنُ زيد لم تشفع له محبة الرسول من توبيخه يوم أخطأ، وهو تحدث عن القصة قائلاً: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وصبّحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال: ”لاإله إلا الله”، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”أقال لا إله الا الله وقتلته؟!”، فقال: قتلته يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: ”أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟!”، فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أنى أسلمت يومئذ”· قال النووي تعليقاً: ”فيه دليل على القاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الاحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر”·
الفارق أن أسامة كان يتصرف في وقت كان التشريع فيه ينزل، بينما السبيعي كان يتصرف في وقت انقطع فيه الوحي واكتمل التشريع، والأدهى والأمر أنه كان ينفذ فعلته تلك وهو يعتقد أنه ينفذ أمر الله وينتصر لدينه!
جميع الحقوق محفوظة 2019