قابلت في واشنطن مجموعة كبيرة من الإعلاميين العرب، منهم من يعملون في تلفزيونات عربية، ومنهم من يعمل مراسلاً لصحف عربية.
وجدت في معظمهم حنيناً إلى منطقتهم التي هاجر معظمهم منها، بحثاً عن حياة أفضل. الإنسان كائن غريب، يهاجر هرباً من شيء ثم يحن إليه!
كان بعضهم يشتكي من مشكلة أساسية أنه لا يستطيع أن يتلقى تفاعل الجمهور الذي تستهدفه وسيلته الإعلامية، لأنه يعيش في الولايات المتحدة.
يتحدث بعضهم عن المتعة التي تجتاحه عندما يكون في رحلة إلى المنطقة، إن بداعي عمل مهني، أو إجازة دورية، ثم يرى من يناقشه في عمله، ويعقب على أدائه.
قال لي زميل، أتمنى لو وجدت تفاعلاً مع ما أقدم من عمل ولو كان كله نقداً.
الذين يقدمون أعمالاً تفاعلية، يرون أن مجرد التفاعل مهم، بعيداً عن كونه تأييد مطلق أو رفض متناهٍ!
الفكرة أنك بعملك التفاعلي كمن يلقي حجراً في ماء راكد، ومن يصيبه ارتداد المياه، إما أن يقول أنك نشطت يومه بعمل مختلف، أو ان يغضب منك لأنك تسببت في اتساخ ملابسه، أو يقول أنك بارتطام صخرتك بالمياه، اتحت له الفرصة ليغسل وجهه بالماء!
اتذكر عندما استمع إلى أحاديث الزملاء هذه القيمة التي اتاحها لنا الانترنت لنرى تفاعل المتلقين.
قبل أيام توقف موقع الرياض الالكتروني على الشبكة العنكبوتية (انترنيت) ووقعت في حيرة لأني لم أقرأ تفاعل السادة والسيدات القراء مع مقالي الأخير!
كانت ردود القراء تفتح لي آفاقاً رحبة، وتزيدني معرفة وتجربة، وتضيء لي أفكاراً جديدة لمقالات ولأعمال أخرى جديدة.
وعندما تعطل الموقع، احسست بأن قدرتي متعطلة!
أرسلت رسالة إلى زميلي زياد الدريس، قلت له أنه كان فالاً سيئاً علي وعلى الموقع، فبمجرد ما كتبت عن كتابه تعطلت صلة الوصل بيني وبين الجريدة، وأنا في نيويورك!
اتذكر أيضاً أني عندما أقارن التفاعل بين عملي في الصحافة 14 عاماً، وبين عملي في التلفزيون عامين فقط، أن تفاعل الناس مع عامي التلفزيون تزيد اربعة أضعاف عن مجموع تفاعل الناس مع عملي الصحافي في الصحافة المطبوعة، خلال 14 عاماً. صحيح أن عامي التلفزيون تجيئ بعد أن بنيت نفسي في الصحافة والإذاعة، لكن التلفزيون مبهر في العالم اجمالاً وبالذات في العالم العربي، حيث الثقافة الشفاهية هي الطاغية.