من روائع فيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري، أبيات مختارة من قصائد تحكي عن تزلف البشر الذي يرمون الآخرين بالعيوب، في حين أنهم من أكثر الناس غشاً وعيوبا، لا سيما وأن المعري ذاق مرارة حرب هؤلاء عليه، وإقصائهم له، لمجرد أنه يخالف ما أرادوا الترويج له.
عيوبي، إنْ سألتَ بها، كثيرٌ … وأيُّ النّاس ليسَ له عُيوبُ؟
وللإنسان ظاهرُ ما يراهُ … وليس عليه ما تُخفي الغيوبُ
يجرّونَ الذيولَ على المخازي … وقد مُلئتْ من الغِشّ الجُيوبُ
وكيفَ يصولُ في الأيام ليثٌ … إذا وَهَتِ المخالِبُ والنُّيوبُ؟
رأيت جماعات من الناس أولعت … بإثبات أشياء استحال ثبوتها
فقد أخبرت، عن غيها، سنواتها … كما أخبرت آحادها وسبوتها
وما هي إلا النار توقد مرة … فتذكو، وتارات يحين خبوتها
لا تَعذُلاني فَالَّذي أَبتَغي … مِن هَذِهِ الدُنيا حَقيرٌ يَسير
بِتُّ أَسيراً في يَدي بُرهَةٍ … تَسيرُ بي وَقتِيَ إِذ لا أَسيرُ
كَطائِرٍ قيلَ أَلا تَغتَدي … فَقالَ أَنّي وَجَناحَي كَسير