حرمان الأبناء والبنات من التعليم ممنوع نظاماً. لكنه منعٌ لم يفعل بما فيه الكفاية. حين بدأ التعليم كان التخوف الاجتماعي موجودا، وهو تخوّف لم يرتبط فقط بتعليم الفتيات وإنما بتعليم الذكور أيضا. قصة تعليم البنات والصراع الاجتماعي حولها وثقت من قبل الدكتور: عبدالله الوشمي، في كتابه المميز: “فتنة القول بتعليم البنات في السعودية” والذي صدر قبل سنتين تقريباً. في ذلك الكتاب ندرك مدى الرعب الاجتماعي من قصة التعليم في فترةٍ مضت. أما الآن وبعد أن شبّ المجتمع عن الطوق فقد أصبح التعليم ضرورةً ملحة، وحقا طبيعيا من حقوق الفرد، ولا غرابة أن يكون الإنفاق عليه من قبل الحكومة من أكثر المجالات التي ينفق عليها.
قبل نصف شهر نشرت جريدة “المدينة” على لسان الدكتور محمد بن حسن الشمراني، مساعد المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة للشؤون التعليمية قوله: “إن لائحة إلزامية التعليم عبارة عن توصيات سترفع للجهات العليا لدراسة إمكانية إقرارها أو تعديلها، إن اللائحة في عمومها تهدف إلى إلزام أولياء الأمور بإدخال أبنائهم إلى المدارس عند بلوغهم سن السادسة”. غير أن جريدة “الشرق” أول من أمس تحدثت عن قصةٍ دامية جاء فيها: “أب يحرم بناته من التعليم والزواج وأمهن عشرين عاماً”! تقول الأم: “ذهبت إلى المحكمة وطلبت أن يتم إعطائي رعاية بناتي لكن القاضي رفض وطلب مني أن تقوم بنتي الكبرى بالترافع فقلت له سيقتلها أبوها لو ترافعت لكنه رفض كل مبرراتي، فاضطررت للسفر والعودة لمقر سكني في الدمام وعندما عدت لدار الرعاية بعد إيداع بناتي فيها رفضوا دخولي ورؤية بناتي”. وجاء في الخبر أن إحدى بناتها حاولت الانتحار!
توجيهات وزارة الداخلية بضرورة تعليم الأبناء واضحة، لكن لابد من وضع عقوبات صارمة على الآباء الذين يجرمون بحق أبنائهم، والسؤال الطبيعي: إذا كنت لن تتحمل مسؤوليات أولادك لماذا تسعى إلى ولادتهم؟!
قال أبو عبدالله غفر الله له: لتتدخل وزارة التربية والتعليم أو وزارة الداخلية بإيجاد رقم ثلاثي خاص بالبلاغات التي تتعلق بحرمان الأبناء أو البنات من الدراسة، ولتوضح لائحة عقوبات ضد أولياء الأمور الذين يجرمون بمستقبل أبنائهم، ويحرمونهم من فك الحرف ومتعة العلم والدخول مع العالم في ضجيج الحياة.