بكلمات واضحة ومباشرة، خلال لقائهما مع شبكة CNN الأميركية، قطع ابنا جمال خاشقجي، رحمه الله، الطريق على من أرادوا استخدام رحيل والدهما، قميص عثمان، أداة، لتحقيق مصالح حزبية وسياسية، لا علاقة للراحل وأسرته بها.
فالحقيقة أن غالبية من تحدثوا عن قضية مقتل أبي صلاح، لم يكن يعني لهم جمال شيئاً بقدر ما كانوا يتكسبون بالقضية، للإساءة للسعودية، ورموزها، انتقاماً، أو تفريغاً لحقد، أو تعبيراً عن غل، أو محاولة لإحراج الخصوم السياسيين، هنا أو هناك!
صلاح الدين خاشقجي، الابن الأكبر لجمال خاشقجي، رحمه الله، قال بوضوح وشفافية: «لقد أكد الملك (سلمان) أن جميع المعنيين سيقدمون للعدالة، وأنا أؤمن بذلك، وهذا سيحدث، وإلا لما كان السعوديون سيبدأون تحقيقاً داخلياً».
حديث ابني جمال خاشقجي، صلاح الدين وعبد الله، وهما في واشنطن، وهما الأقرب إلى الراحل من سواهما، كان صفعة لمن يريدون أن يتخذوا من الموضوع مطية للنيل من سمعة واستقرار السعودية، متاجرين بمقتل خاشقجي، دون اهتمام فعلي بحقيقة ما جرى، ودون احترام لمشاعر عائلته وإرادتها.
السعودية اتخذت موقفاً واضحاً من موضوع مقتل خاشقجي، عبر عنه الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بأن المتورطين سينالون عقابهم، وأن القضاء سيأخذ مجراه. وهو الأمر الذي بدأت به فعلياً السلطات في المملكة. إلا أن هذه الخطوات الجادة والعملية، أشاح أعداء السعودية ببصرهم عنها، فهم يريدون لقضية خاشقجي أن تبقى جرحاً مفتوحاً، يقتاتون من خلاله. وهو الأمر الذي ستقف ضده القيادة السياسية بكل حزم وقوة.
صلاح الدين وعبد الله أكدا في حديثهما لـCNN إيمانهما بالعدالة السعودية، وأن القضاء الذي بت في القضية سيقوم بدوره بكل مهنية، خصوصاً أن أعلى سلطة في المملكة، ممثلة في الملك سلمان، أكد لصلاح الدين أثناء لقائه به، أن قتلة والده سيقدمون للعدالة، وهي عدالة لن تكون إلا واضحة شفافة.
صلاح عبر عن أسفه للتكسب بقضية والده، بقوله: «أرى الكثير من الناس يخرجون الآن ويحاولون المطالبة بإرثه، ولسوء الحظ فإن بعضهم يستخدم ذلك بطريقة سياسية لا نتفق معها تماماً»، رافضاً الوقوف إلى جنب المتاجرين بدم والده. وحين سأله المحاور، إن كان يثق بوعود القيادة السياسية السعودية، أجاب بشكل جلي: «نعم»، قاطعاً بذلك الطريق أمام الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر، والذين يريدون بالسعودية وأهلها شراً!
هذا التسلق الذي يمارسه كثيرون باسم «العدالة لخاشقجي»، أمرٌ يقلق عائلته، كونها تشاهد كيف يؤثر ذلك في الرأي العام بشكل سلبي، وكيف يأخذ منحى ينحرف عن العدالة، ويتحول إلى ورقة تسعى دول وجهات خارجية للضغط بها على السعودية، لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية واقتصادية، غير مكترثين لحقيقة ما جرى لجمال، وإنما لديهم أجندة وأهداف معدة مسبقاً، يسعون إلى تحقيقها.
في السياق ذاته، يعتقد صلاح الدين جمال خاشقجي أن «الرأي العام مهم، لكن خوفي هو أنه أكثر تسييساً. فالناس يجرون تحليلات قد توجهنا بعيداً عن الحقيقة»، وهذه «التحليلات المسيسة» في غالبها ليست عفوية، بل مقصودة، تريد أن توجه سهامها إلى المملكة للنيل منها، وتأخير مسيرة نهضتها، وإجهاض رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي رؤية لا تختص بنهضة السعودية وحدها، بل تخطط خلال الثلاثين عاما المقبلة لخلق شرق أوسط مختلف، يمكن تسميته (أوروبا الجديدة) كما قال الأمير محمد قبل أيام. وهو التغيير الذي تقف ضده دول وجهات عدة، ليس من مصلحتها أن ترى السعودية دولة قوية متقدمة، ذات اقتصادي منتج، ومجتمع منفتح معطاء.
صلاح الدين جمال خاشقجي أوضح في المقابلة أنه ينوي العودة وعائلته إلى السعودية، لمواصلة عمله في القطاع المصرفي بمدينة جدة، وهو ما يعني أنه مؤمن بـ«السعودية» وطناً في الأول والأخير… وطن يطمئن له، ويريد أن تكبر فيه عائلته. رافضاً بشكل قاطع التفسيرات غير المنطقية، والإشاعات التي راجت في وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تلك التي أعقبت لقاءه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مبدياً استغرابه مما روجت له بعض وسائل الإعلام، معتبراً التحليلات التي تحدثت بسلبية عن لقائه بالملك وولي العهد «مجرد ادعاءات لا أساس لها».
عبد الله نجل جمال، بدوره أبدى انزعاجاً من الإعلام الذي لا يهدأ، والقصص والمعلومات التي تبث دون مراعاة لمشاعر العائلة، قائلاً: «نحن ننظر إلى الإعلام والمعلومات المضللة. هناك الكثير من الصعود والهبوط»، في إشارة منه للقصص «الخيالية» التي يرفضها العقل والمنطق، والتي راحت تروج لها وسائل إعلام إقليمية وعالمية، دون أن تتثبت من صحتها، مغفلة عن عمد وقصد المعايير المهنية للصحافة.
كل ما تتمناه عائلة خاشقجي هو أن يرقد جمال بسلام، ويستمع لصوتها وموقفها الوطني الرافض لأي تدخل خارجي. وهي التي وضعت ثقتها بالقضاء السعودي، رافضة أي محاولات لتسييس القضية.
بجمال ووطنية وإخلاص، ألقم ابنا الراحل جمال، الذين يستغلون قضية المرحوم للإساءة لبلدهم، أو للتكسب الشخصي، حجراً. فهل تصمت الأفواه التي تريد أن تنال من سمعة السعودية واستقرارها، نزولاً عند رغبة العائلة، أم أنها لا تحترم إرادة عائلة خاشقجي، وستستمر في مشاريعها التخريبية التي ستنكسر أمام شموخ الشعب السعودي، الذي يعانق السماء كما «جبل طويق»، صامداً قوياً، بالتفافه حول قيادته، خلافاً لما كان يأمله الناعقون، الذين تمنوا أن تكون هذه الأزمة سبباً لشرخ بين السعوديين، ومليكهم سلمان بن عبد العزيز، وولي عهدهم محمد بن سلمان، فارتدت سهامهم عليهم!
جميع الحقوق محفوظة 2019