لا شك أن نظام “ساهر” بات حديث الناس، فلا يخلو مجلس هذه الأيام من الحديث عن هذا النظام. بين من يتحدث عن مخالفات ارتكبها، ومن يتداول فتاوى تحرم “التكبيس” للمسرعين المقاتلين، والحديث عن ساهر جزء من الحديث عن الأنظمة ومدى الالتزام الاجتماعي بها. وبغض النظر عن أي ملاحظة يمكن أن تطرح حول ساهر، سواء من “تدبيل” المخالفات، أو ارتفاع مبلغ المخالفة مقارنةً بالدول المجاورة، بغض النظر عن كل تلك الملاحظات غير أن الأكيد أن هذا النظام حدّ من التجاوزات، والإصابات، والوفيات، جعل نسبة الحوادث أقل.
مرّ على الناس حين من الدهر، لم يكن للوحات تحديد السرعة قيمة تذكر، بل ربما مررت من شوارع كثيرة في المدن الرئيسية ولم تجد لوحات تعلمك بمستوى السرعة المسموح بها، كان الناس يستسهلون قطع الإشارات، والسرعة التي يقودون بها تجعلك تظنّ أنك في سباق “رالي”، ولست في شارع عادي!
تلك الفوضى هي التي أثمرت عن الحوادث الدامية.
وحين جاء ساهر كان صادما، لأن الناس انتقلوا من ذروة “اللا نظام” إلى دقة “النظام”.
يطالب البعض ساهر بأن لا يُدبّل المخالفات، وهذا نقد طبيعي على المرور أن يصغي إليه، وأن يقيم ورشا حوارية للتداول مع الناس عن مخرجات النظام وآثاره وسبل تطويره وتمتينه، بغية غرس تصالحٍ اجتماعي مع هذا النظام بما لا يعيد الفوضى القديمة، وإنما بما يخفف من غلواء المخالفات الباهضة، التي يتسبب بها مبدأ “التدبيل”.
فجعنا بخبر إحراق سيارة ساهر ومقتل شخص داخلها، حيث وقعت هذه الكارثة في “القويعية”. تعليق المختص الاجتماعي الدكتور عبدالعزيز الدخيل على هذا الحدث الخطير حمل رؤيةً لافتة، حين قال: “أتمنى دائما من الأنظمة الجديدة أن ترصد الرأي العام قبل وأثناء طرح أي مشروع أو نظام يتعلق بتغيير السلوكيات والثقافة المجتمعية، مع احترام الرأي الآخر وسماع الملاحظات. وللأسف حاليا لا نرى ذلك فيما يتعلق بنظام “ساهر”، رغم كثرة الانتقادات”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: والأنظمة تُختبر من خلال المجتمع، ونظام ساهر نجح في الحد من الحوادث، لكن ليت أن المرور يستمع إلى وجهات نظر الناس. المخالفات في كثير من الدول لا تضاعف مع الوقت، كما أن النظام يركز كثيرا على السرعة، بينما يغفل الطرق الخاطئة في صفّ السيارة، أو معاكسة السير، أو حتى قطع الإشارة.. الاعتداء على ساهر مرفوض تماما والحل في ورش تجمع الناس لسماع آرائهم ومرئياتهم.