أسماء الرواد الكبار وسيرهم لابد أن تحضر في أذهاننا وكتاباتنا!
أولئك الذين شقوا الطرق التي نسير عليها إلى الآن. ولعل من الأسماء المهمة في مجال الثقافة والصحافة والأدب اسم الشيخ: عبدالله بن خميس، ذلك الذي سبق زمنه بطموحاته، حتى وصفتْه ابنته الروائية أميمة بأنه ذو “التفكير المستقبلي” منذ أن أخذ على عاتقه مع زملائه هدف تأسيس مدارس لتعليم البنات في السعودية، وقال أبياته الشهيرة ومنها:
يا نصير العلم هل من شرعة تمنع التعليم عن ذات الخبا؟!
فهو نصير للمرأة من دون الانضواء خلف تيارٍ من التيارات، كان تفكيره يصب في صالح النهضة والتنمية والتأسيس لوطنٍ كبير، حفظت مؤلفاته ذاكرة الوطن. ومن أبرز مؤلفاته: “تاريخ اليمامة في سبعة أجزاء، المجاز بين اليمامة والحجاز، على ربى اليمامة، من القائل في أربعة أجزاء، معجم اليمامة في جزأين، معجم جبال الجزيرة في خمسة أجزاء، معجم أودية الجزيرة في جزأين، معجم رمال الجزيرة”.
قلتُ: ويا له من جهد مؤسسي قام به فرد واحد! إن هؤلاء الرواد مثل الشيخ عبدالله بن خميس والشيخ حمد الجاسر والشيخ محمد العبودي والشيخ عبد الكريم الجهيمان وغيرهم يشكلون جوهر الذاكرة السعودية، ومصدر الحفظ للتاريخ والأمكنة والأسر والعائلات واللغة والأدب، قاموا بجهودٍ فردية لم تستطع المؤسسات أن تقوم بها، بل إنهم مؤسسات متحركة ومتنقلة، وحين تشاهد بتأمل النتاج الذي قدم تتساءل: أي طاقةٍ تسكنهم وأي حب يغذيهم من أجل حفظ ذاكرة مجتمعٍ بأكمله قبل أن يطويها النسيان؟
أميمة الخميس ابنته تتحدث عن والدها الشيخ عبدالله بحب على قاعدة: “كل فتاةٍ بأبيها معجبة” كان ابن خميس علاوةً على تأسيسه لجريدة الجزيرة، ومسؤولياته ومناصبه الكثيرة، كان رب أسرةٍ حقيقيا، وهو الذي حبب لأولاده وبناته الكتب، ومن طريف ما تذكر أنه كان يمدحهم ببيتٍ شعري من هنا، وينتقدهم ببيتٍ شعري من هناك، حتى صار البيت معجوناً بالكتب والأدب والشعر.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وإذا كان ابن خميس قد رحل فقد ورّث كتبه التي أصبحت ضمن أسس الكتب التي تؤرخ للسعودية والمجتمع والأرض، ستبقى إلى أمدٍ طويل، أعيد تذكر هذا الرائد بعد أن قلّ طرح اسمه إعلامياً وهو السبّاق في تعبيد الطرق التي ننعم وتنعم الفتيات بالسير عليها حتى الآن، من جهده في التأليف إلى نشاطه الاجتماعي بتحقيق إنسانية المرأة وتحريرها من عبودية الجهل.