من نافلة القول التذكير بأن لا أحد أغير على الإسلام من نبيه عليه السلام. لم نسمع أو نقرأ في عهد صدر الإسلام عن ضربٍ للناس في الطرقات وأمام الدكاكين لمجرد الشك بسلوكياتهم، وحاشاه. بل كان عليه الصلاة والسلام أنبل الناس خلقاً، وأذكر بحديث أنس حين قال: “ما لمست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف رسول الله، ولقد صحبت رسول الله عشر سنين، ما قال لي يومًا لشيء فعلته: لمَ فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: لمَ لم تفعله”!
حسناً فعل الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ في أول يوم عمل له، حين اتخذ أول قراراته بإمضاء تعميم يدعو لكف يد عمل المتعاونين مع جهازه، بل قال في تصريحاته الأولى: “من الآن فصاعداً لن يكون هناك شيء اسمه متعاون، الله… الله… في العمل الخير وأن تنقلوا صورة الهيئة بوجه مشرف لها، وأن تحرصوا على حسن الخلق والتعامل والرأفة لمن يستحق الرأفة، وألا تكونوا خفيفين تستثارون من بعض الذين لا يراعون مسؤولية من يعمل في الميدان، انقلوا هذا عني للصحفيين كلهم.. أي إعلامي صادق وأمين وينقل الحدث بأمانة وتجرد، أنا أعتبره عضوا من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”!
البعض يرى أن الصورة السلبية عند فئات من المجتمع سببها الصحافة، وأظن أن من يرى أهمية الهيئة يواجه مهام ضرورية لتعزيز أداورها، وتقريبها للناس، بدلاً من غير ذلك. على رأسها ضرورة تطوير عصب الجهاز، من خلال إقامة دورات وبدء تمدين الجهاز، ليكون أقرب إلى الوعي بالمجتمع، ذلك أن الشخص الذي يمتلك عقلاً مغلقاً ويعتبر الاختلاف على مسألة في السواك (مثلا) يوجب العراك والسجال والمضاربة باليد والسنان، هو من يسيء لصورة الهيئة لا الصحافة والكتاب. إن على إخواننا في الهيئة أن يعززوا إيجابياتهم، وينظروا إلى الخير الذي في الناس، ويعمدوا إلى تعزيزه، بدلاً من الامتلاء بأننا نعيش في دار سوء، وعصر سوء، وأن ثلاثة أرباع الناس يتربصون بدين الله، ويسعون إلى نقض عرى الفضيلة عروة عروة!
قال أبو عبدالله غفر الله له: من خلال أول تصريح للرئيس الجديد للهيئة يعكس لنا عن رؤيةٍ منفتحةٍ تبشر بالخير، لكن لا أظنّ أن ثمة مشكلة بين الهيئة والإعلام، بل الإعلام ينقل صوت الناس، الإعلام سلطة رابعة لعكس أي خطأ، سواء كان لدى وزارة الداخلية أو شركة الكهرباء أو إدارة صحة البيئة أو الجمارك أو الهيئة، فكلها أجهزة وضعت للجمهور وخدمة الناس، والإعلام موقفه من كل تلك الأجهزة موقف تغطية للحدث.
وفق الله الرئيس الجديد وحمى الله المجتمع من غلواء التشدد.