لم تكن إنجازات ستيف جوبز مجرد أعمالٍ عضلية وافقها الحظ. كما أن ثروته لم تبن على أساسٍ خاوٍ من النظرية في الأداء العملي المستند إلى التجارب الذاتية والقراءة التامة في المجال الذي يعمل فيه.
في كتاب: “رحلة داخل عقل ستيف جوبز” من تأليف: ليندر كاهني، يطرح المؤلف في الكتاب ما يسميه: “فلسفة إدارة الأعمال لدى جوبز” ومن ثم يسرد رحلة الصراع من أجل النجاح، التي خاضها بكل صبرٍ وتجلد، وبكل عناد واستبسال. رحلته من أجل تطوير الأجهزة التي بدأت منذ السبعينيات في “أبل” أو “ماك” والأفلام المتحركة في التسعينيات “مع بيكسار” كل تلك الإنجازات كانت نتاج رؤية كاملة صاغها ستيف بمقولاته الصغيرة بكلماتها، العظيمة بدلائلها. منذ البداية قال كلمته:”أريد إحداث أثرٍ في الكون”، وكان له ما أراد.
قلة هم الأثرياء الذين يشعر الناس بألم أثناء رحيلهم، الفرق أن ستيف لم يكن ثرياً فحسب، بل كان مؤثراً متداخلاً مع يوميات الناس في كل أصقاع الأرض.
ابتكر هذه الأزرار التي قال عنها: “نجعل الأزرار على الشاشة تبدو في مظهرٍ جيد لدرجة أن تكون راغباً في لعقها”، سحر بأجهزته الصغار والكبار معاً، بل أعاد الكبار إلى عشق الألعاب الإلكترونية الساحرة والممتعة.
أسرار عقل جوبز كثيرة لكن أبرزها أنه غير الكثير عن فهم الناس للكون من خلال الأجهزة التي حببها إليهم. كانت الأجهزة قبل جوبز بلا روح، مثل المكائن والغسالات والثلاجات، لكن مع السحر الذي وضعه هو في قلب كل جهاز صارت لكل جهازٍ روحه الناطقة.
في فلسفة جوبز: “لا علاقة للابتكارات بكمية الدولارات التي تخصصها لعمليات البحث والتطوير، عندما طرحت “أبل” فكرة الماك، كانت “آي بي إم” تنفق على هذه العمليات مائة ضعف مما تنفقه “أبل” على الأقل، لا يتعلق الأمر بالمال، بل بالأشخاص الذين يعملون لديك، وبكيفية تقدمك على الآخرين، وإلى أي مدى تحقق ذلك”. هذه قطرة من بحر فلسفة جوبز، وفي الكتاب بفصوله الثمانية مئات الدروس والقصص والحكايا، يضم الكتاب معركة حياة جوبز التي خاضها ليصل إلى ذروة الإبداع والعبقرية في مجاله.
قال أبو عبدالله غفر الله له: والكتاب أظنّ أنه قل مثيله باللغة العربية، وقد كتب بلغة سلسة، يستحق الكتاب أن يكون على طاولة كل إداري، من خلاله ندرك كم أن الإبداع والإنجاز يرتبطان بالرؤية، بالاستشراف أولاً، فالإبداع فكرة قبل أن يكون بذل الكثير الكثير من المال، وهذا ما أتمنى أن تدركه مؤسسات الموهوبين ومدن التقنيات ومصانع الابتكارات.