تساءل أحد الزملاء عن سبب تدريس بعض الجامعات الإسلامية لأحكام أكل الفيل؟
بالتأكيد أن الفيلة لا ُتطارد في حي العليا ولا المربع ولا تسبح في قويزة ولا تتنزه في حي الروضة، وكذا الأمر في الأحساء والقريات وحائل. من الصعب أن تدخل على ملحمة وتجد رأس فيل معلقاً، ثم تطلب كيلو لحم فيل، ولن تجد في المطاعم المنتشرة في السعودية شاورما فيل، لتطلبها بدون طرشي مع تكثيف الشطة! أقول إنه من الصعب، وليس المستحيل، فمن يعرف حداً لزمان العجائب! إذاً ما الفائدة من تدريس كتاب طويل عن حكم أكل الفيل، في وقت اطلع أحدهم ذات على مرة على صورة طبق ضفادع فاقشعر بدنه وبدأت تحمرّ أوداجه. يذكر المفكر اللبناني علي حرب أنه رغم علمانيته التي حررته من كل شيء إلا أنه متمسك بشيئين من الدين الإسلامي، الأولى تأييده لتعدد الزوجات، والثانية كراهيته للحم الخنزير.
ما نستطيبه ليس دائماً مفيداً، وما نستقذره ليس دائماً سيئاً. يستغرب بعض العرب من تاريخ أكل الجراد في السعودية، حيث تخصص له الأسواق وتزدحم الأسواق بخياش الجراد في المواسم، إذ ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السمك والجراد يجوز أكلهما ولو ميتة. وأن الكبد والطحال من الدماء الحلال، وحينما عرض على النبي صلوات الله عليه لحم “الضب” لم يأكله، لكنه لم يحرمه، بل قال إنه ليس موجوداً بأرض قومي فأجدني أعافه. ورأى بعض الفقهاء أن كل بيئة تفرض نوع أكلٍ خاص بها. من الأمم من تأكل الضفادع وبعض الحشرات. ومن الطرائف أن صديقاً منعته الحساسية من المأكولات البحرية فصار يسميها “حشرات البحر” يعني أن ما لا آكله هو بالتأكيد ليس جيداً.
كان الطلاب المشاغبون في المدارس يُحضرون “ضباً” صغيراً يضعونه في جيوبهم للعب به والعبث معه، وحينما يضيقون بأحد أساتذتهم من عرب الشمال، يطلقون الضب في أنحاء الفصل ليأخذ دورته بجوار الأستاذ، ثم يركض المدرس بشكل بهلواني مضحك، وأحياناً يتدخل المدير، وفي أحيانٍ أخرى يستسلم المدرس ويرفع الراية ويخضع لشروط الطلاب، وكذلك يفعلون في مواسم الجراد حيث يطلقون كيساً من الجراد في الفصل ليضيق الأستاذ خاصةً حينما يكون من العرب الوافدين الذين لم يعتادوا على هذه الكائنات.
مع كل سنة تعيش السعودية استنفاراً ضد الجراد، حتى لا يأكل محصول بني الإنسان من المزروعات والحقول، وأقترح أن يعود الناس إلى أكل الجراد والعناية به وطبخه حتى لا نلجأ إلى حرب إلكترونية لمواجهته مستخدمين الأدوات الحديثة والقديمة للسيطرة عليها، فخير ما تواجهون به الجراد أن يكون سوقاً عاماً واسعاً مثل سوق “الماشية” كما تعلمون، دون أن أحتاج لتذكيركم بمصير الكلاب السائبة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات يوم أن كانت أعمال البناء في بلادنا تحتاج للكوريين، الذين كنا نحتقرهم لأكلهم الكلاب، ثم اكتشفنا أننا احتقرنا شعباً بات من الشعوب المتقدمة اقتصادياً وصناعياً ومعرفياً!