من بين الملفات الملحة والتي يجب أن تتطور بشكلٍ عاجل ملف “القضاء”. بصلاح القضاء يقتنع المجتمع بصلاح حياته. من أخطر ما يمكن أن يواجهه أي مجتمعٍ أن يتقهقر القضاء. ذلك أنه الذي يعيد الحق لصاحبه، وهو الذي ينصف المظلوم من ظالمه. وهو الذي يخرج الناس من جحيم الظلم. فالمرأة ينصفها القضاء من زوجها الظالم، والمسروق ينصفه القضاء من السارق.. وهكذا. فالقضاء هو الذي يحقق الطمأنينة لدى الناس، وهو الذي يزرع فيهم حب وطنهم، وأكبر شعور يهدم الإنسان ويكسره أن يظلم بأمرٍ لم يعمله. أقول هذا بعد أن قرأت لقاءً مع رئيس المحكمة العامة بالخبر الشيخ: عقيل العقيل.
يقول الشيخ: “إن تأخر الفصل في القضايا يعود إلى قلة عدد القضاة المتخصصين، مقارنة بنسبة القضايا المنظورة بالمحكمة”!
نعم إن عدد القضاة حتى سنة 2007 لم يتجاوز ألف قاضٍ، بمعدل 4 قضاة لكل 100 ألف مواطن مقارنة بـ 29 قاضيا في الكويت و30 قاضيا في مصر لكل 100 ألف مواطن! هذا الخلل يجب أن يعالج. الانتظار الذي يستمر عدة عقودٍ أحياناً قبل البت في قضية إرثٍ، أو أن يحسم جدلا حول أرض، أو أن يقضي القاضي بين متخاصمين أياً كانت قضيتهما، أن ينتظرا كل المدد الزمنية الطويلة من أجل حكمٍ قضائي، هذه ثغرة كبيرة في جسد القضاء الذي نتمنى أن يتماثل للركض في عصرٍ تتسارع فيه القوانين، ويتجدد فيه أداء المحاكم في كل أنحاء العالم.
القضاء يحتاج إلى تجديد في أدواته، إلى تقنينٍ للأحكام، إلى التسريع في البت بالقضايا، إلى تغيير آليات اختيار القاضي، ولا ننس ضرورة البدء في مشروع تطوير القضاء الذي سيضيف محاكم متخصصة في مجالات متنوعة تضبط سير المحاكم وتجعل أداءها في إطاره المتطور والمريح.
قال أبو عبدالله غفر الله له: القضاء هو صمام أمان المجتمع، وبصلاحه تصلح الأمور. فالعدل هو أساس الاستقرار الاجتماعي. في السعودية هناك تطور لا بأس به في مجال القضاء لكننا نطمح إلى المزيد. ولا أقل من أن تقنن الأحكام ويزاد عدد القضاة وتجدد آلية اختيار القضاة حتى لا يدخل إلى هذه الوظيفة الصعبة والحساسة من لا يحسنها. والواجب تكثير أعداد القضاة، فالشح في الأعداد، مظنة للضغوط على القضاة، وبالتالي لن يستطيعوا أن يحققوا العدالة، فتأخير العدالة نقص في تحققها.