من خلال متابعة الكثير من تصريحات المسؤولين في الشركة السعودية للكهرباء نلمس نبرة “المنّة” على المجتمع مقابل بعض الخدمات العادية، لأن الشركة أصلاً مدعومة من الحكومة، ولأن الكهرباء جزء أساسي من يوميات الناس، وبسبب البرد الجاف الذي يكسّر العظام في الشتاء، والحر الشديد الذي ينضج أجساد السعوديين، يشتد الاستهلاك الطبيعي للكهرباء. تراهم على الطرقات على صفائح سياراتهم بعد الخروج من الدوام وكأنهم في حالة شواء دائم ومستديم. وشركة الكهرباء تطمئن المجتمع بأنها ” لن تفصل التيار الكهربائي عن المشتركين إلا بعد تجاوز الفاتورة الثانية 400 ريال”!
هذا الكلام قاله مدير إدارة خدمات المشتركين في الشركة السعودية للكهرباء المهندس فهد الزامل خلال ملتقى صناعة الكهرباء في الإعلام المنعقد في 22 فبراير 2011. الزامل قال أيضاً ” الشركة لا تفصل التيار إلا إذا طلبت منها الجهات الرسمية أو الدفاع المدني أو المشترك نفسه، بالإضافة إلى أن بعض الفواتير قد تؤجل ولا يتم فصل التيار لمدة تتجاوز 6 أشهر بسبب قلة مبالغها التي لا تتجاوز 100 ريال”.
لنسأل عن الذين تأتي فواتيرهم بأقل من 400 ريال، سنجد أن من التعجيز بمكان أن تشترط الشركة لمن يخاف من قطع الكهرباء ألا تزيد فاتورته عن 400 ريال، مع أن الفواتير “تشعلل” في كل موسم حيث تضرب جيوب الناس بألوفٍ ومئات تناهز الثمانمائة، من دون أن يكون لولي الأسرة من حل، لأن الاقتصاد في استخدام الكهرباء لا يمكنه أن ينقص من حاجة الأبناء إلى أدوات التكييف أو أدوات التدفئة والسخانات، الأولى بالشركة أن تحسن من علاقتها بالمشتركين، وأن لا تكون “جابية مال” أكثر من كونها “متقنة خدمات”، سنتذكر- والصيف على الأبواب- كيف أن الانقطاع للتيارات الكهربائية سيكون علامة من علامات نهار الصيف الحارق، وستبرر الشركة “انقطاع الكهرباء” و “قطع الخدمة” إما بالضغط أو بعدم تسديد الفواتير، وهذه ديكتاتورية إدارية.
المؤسسات التي تمس خدماتها يوميات المجتمع من الضروري أن تكون العلاقة بينها وبينهم قائمة على التفاهم والاقتراب من المشكلات، والمتطلبات، الشركة السعودية للكهرباء مدعومة من الحكومة، وللمجتمع فيها حصته، ومن حقه أن يشترط. ها هي شركات الاتصالات على الرغم من علاقة مضطربة بينها وبين المجتمع غير أن الشروط والمتطلبات تعطى للعميل من دون “منّة” أو إيذاء، وهذا هو الدرس الذي نتمنى أن تتعلمه شركة الكهرباء!