لا أبالغ إذا قلت إن مشروع “الابتعاث” الذي ضم أكثر من مئة ألف طالب وطالبة من بين أنجح المشاريع الحضارية والتحديثية في السعودية خلال السنوات الماضية. ذلك أنه يمس الناس والمجتمع، مئة ألف طالب، ولكل طالبٍ بيت وعائلة حين يعود ستنعكس خبراته وعلومه على أهل بيته، ويكون الذي تعلمه وقرأه من بين يوميات العائلة فيؤثر عليهم إيجابياً بالمعارف العصرية، وباللغة التي اكتسبها أياً كانت تلك اللغة سواء إنجليزية أو صينية. وهذا المشروع امتد ليشمل حتى الذين ذهبوا على حسابهم الخاص، هذا من حيث القرار لا من حيث التنفيذ.
راسلني الطلاب الذين يدرسون على حسابهم الخاص الذين أطلقوا حملةً على “الفيسبوك” بعنوان: “ضمونا قبل أن يقتل الأمل فينا”، وبحسب ما قرأت فإن هناك أكثر من ثمانية آلاف طالب وطالبة يدرسون على حسابهم الخاص لم يستطيعوا الانضمام إلى الابتعاث العام، يعانون الأمرين من الملحقيات الثقافية التي تعاني في بعضها من الترهل الإداري وعدم السرعة في إنفاذ الطلبات والتطلعات. والشكاوى لا تتحد ضد أمرٍ إلا ولها نسبة من الصحة. الناس لا يستهدفون المؤسسات بالنقد فقط للنقد، وإنما ينتقدون هذه الملحقية أو تلك لأنهم يريدون إنجاز شؤونهم، وأخذ حقوقهم.
الطالبة دينا محمد تقول: “أدرس في معهد للغة الإنجليزية من 6 أشهر في نيويورك، طلبت إلحاقا بالبعثة، وتم رفضي بحجة إكمال فترة اللغة، بينما إحدى صديقاتي تم إلحاقها من الشهر الأول، لا أعلم لماذا تم استثناؤها. الحياة صعبة جداً، وكذلك بالنسبة لأخي الآخر الدارس في كندا، الذي يعمل في إحدى المكتبات، أرغب في الدراسة بشدة، طموحي قوي ولكن المادة أرهقت والدي….”.
وعلى هذا فقس، هناك حالة تهميش للذين يدرسون على حسابهم الخاص، لم تتح لهم فرص الانضمام إلى الابتعاث الحكومي، مع أن الأوامر تسمح لهم بذلك. لا بد أن يعرف الطلاب ما السبب الذي جعلهم يقصون من الابتعاث العام؟ وهل هذا خلل إداري؟ أم أنه تغير في الآلية المعتمدة؟ هل المبتعث الذي يدرس على حسابه الخاص سيظل كذلك حتى آخر يومٍ من دراسته في الخارج؟
قال أبو عبدالله غفر الله له: هؤلاء الثمانية آلاف وربما أكثر يحتاجون إلى إيضاحات من قبل المسؤولين، يطالبون بضمهم للابتعاث لإكمال الدراسة، ولا أظنّ أن الوزارة وقد قدرت على ابتعاث مئة ألف تعجز عن ضم ثمانية آلاف إضافيين.