«السعودية هي عمود الخيمة بالخليج»، بهذه الكلمات علّق الشيخ محمد بن زايد، على زيارة الملك سلمان للإمارات.
استقبال استثنائي، اجتمعت فيه الأصالة والحداثة، بين الخيول والإبل، والأرض والتراب، ومن على منصّة تجسد التاريخ وأمجاد الماضي جلس الملك مع الشيخين محمد بن راشد ومحمد بن زايد، يشاهدون العرض المدروس للإرث التاريخي الإماراتي، عرضات ورقصات، أهازيج وقصائد، احتفالات سارت بها القبائل وهي تتجه ملقيةً التحيةَ على الضيف الكبير.
انسجام وتناغم أبدته الكلمات والبسمات، كان الوفد السعودي سعيداً وهو يرى هذا التلاحم بين الشعبين والقيادتين، وذلك لما تعيشه المنطقة من تحدياتٍ غير عادية، وكانت الإمارات مجسدةً لكل معاني الشهامة حين دخلت مع السعودية حرباً ضد التمرد ونصراً للشرعية، حتى اختلط الدم بالدم، بذل الجميع دماء زكية، وذلك لحفظ قيمٍ من العدوان، تلك هي الشهامة، وهذا هو شكل التحالف القوي حدّ الاتحاد.
العلاقة السعودية – الإماراتية تحديداً، هي الشرح الحقيقي لمعنى الاتحاد الذي نريده بين دول الخليج، إذ تتصاعد مستويات التبادل الاقتصادي، وتنمو مستويات السياحة بين البلدين، وتتعاظم مشاعر المودة بين الشعبين، حيث السياحة، والإقامة الدائمة، والدراسة، وعدد الرحلات بين البلدين لا في المدن الكبرى فقط، بل حتى في المدن النائية شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً ووسطاً.
مودة استثنائية، وشراكة مجتمعية، وتقاسم للأفراح والأتراح، ولنا في تشارك الشعبين آلام رحيل بعض الأبطال على جبهة الجنوب أبرز مثال، كما اختلط الدم بالدم، اختلطت الدموع بالدموع أيضاً، وكما جمعت الأتراح، جمعت الأفراح.
أكمل الملك عقد جولته بزيارة إمارة دبي، وهي مدينة يحبها وتحبه، ورسم حاكمها اسم الملك سلمان على شارع هو شريان من شرايين دبي، ليكتب الشيخ محمد بن راشد معلّقاً على الزيارة: «إن علاقات المملكة، ودولة الإمارات، تجاوزت العلاقات الدبلوماسية والتحمت، لتكون علاقة العضد بعضيده».
بقصيدةٍ ضافية، ألقاها جمعة الغويص، كان تتويج الهبّة الشعبية لاستقبال الملك، جمع بها الشاعر ملاحم التعاون بين السعودية والإمارات، وكان من الطبيعي أن يستدعيه الملك بعد الإلقاء، لإبداء الإعجاب بالنص المحبوك، مما جاء فيها:
«يا خادم البيتين يا عز العرب في كل حال
يا خادم البيتيــن يا قبلـة دار المسـلمين
يا خادم البيتين يا خـازم عــدوه يوم عـال
يا خـادم البيتيـن يا مينـا سـلام الخايفين
نفرح بشوفك في وطنَّا وشوفك راس مـال
ومكانتك تسع ما بين قلوبنا يا مواطنين».
الارتياح الاجتماعي للعلاقة بين البلدين أخذ أبعد مدى بتعليقات تضمنتها وسائل التواصل الاجتماعي، علاوةً على كون الجولة الملكية لدول الخليج مهمة وأساسية، غير أن زيارة الإمارات اكتسبت طابعاً خاصاً وذلك للعاطفة التي يكنها السعوديون للإمارات. تذكر جريدة «الخليج» على سبيل المثال أن ما معدله عشرة آلاف زيارة للسعوديين بشكلٍ يومي إلى دولة الإمارات.
وهذا الرقم يكشف مستوى التعاضد القوي لا بين القيادتين فحسب، بل بين المجتمعين والشعبين، وقد أسهمت التلفزيونات الإماراتية عبر ضيوفها بعرضٍ وافٍ يشرح أبعاد وجذور هذه العلاقة، منذ تأسيس الإمارات أوائل السبعينات وحتى اليوم.
هذه الحروف أكتبها ليعرف المجتمع الإماراتي ردة الفعل غير المقروءة من قبل المجتمع تجاوباً مع الاستقبال الحاشد والتاريخي للملك سلمان بن عبدالعزيز، مما يطمئن المجتمعين، أن الاتحاد قد بدأ فعلاً بين البلدين، ولم تعد علاقة عادية، ولم تكن الزيارة أصلاً عادية، والملك لم يكن «ضيفاً من الضيوف العابرين» كما هو تعبير جمعة الغويص بقصيدته البديعة.
إنها مرحلة أولى من التعاون نطمح بعدها إلى المزيد، هذا هو الخليج، وهذه هي العلاقات النموذجية التي يجب أن تحتذى، للخروج بالمجلس من حالة التعاون إلى طموح «الاتحاد».