بينما أنا أجول في الشبكة العنكبوتية إذا بي أقع على تصريح للفنانة المصرية الشابّة دنيا سمير غانم. وهي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها بحسب الموضوع الصحافي المنشور، ويبدو أنها رضعت الفن في مهدها، فوالدها الممثل المعروف سمير غانم، ووالدتها الفنانة المعروفة دلال عبدالعزيز، وفي الأمثال ابن الوز عوّام. موضوعي اليوم ليس فنياً، ولست مختصاً بالفن، لكني توقفت عند التعليقات التي نشرت في الموقع على اللقاء الذي أجري مع دنيا سمير غانم، من قبل المتصفحين والقراء العرب. فقد قالت دنيا إن الصور التي ظهرت لها وانتشرت على شاشات الموبايل والجوال ليست صحيحة، بل هي مفبركة، وأن الذي فبرك صورها التي ظهرت وهي في دورة المياه مع صديق، فيما ظهر للمتلقي، كان محترفاً لدرجة أنه أتقن التزوير، ما دفعها إلى أن تشك في أن الصورة لها، وهي ليست كذلك. وأضافت: لو قابلت من زوّر الصور لكافأته على إتقانه! ثم أشارت إلى أنها تتمنى زوجاً متديناً لا متشدداً، باراً بوالديه، وأنها على استعداد أن تترك الفن من أجله!
وأعود للتأكيد بأني لن أعلق على تصريح الفنانة الشابة الذي يظهر ضحالة تجربتها، وضعف خبرتها على سطوره، إن لجهة نفي الصور مع تأكيد إتقانها، أو لجهة الانحياز إلى التدين بحثاً عن إرضاء الشارع، ولو حتى تأثراً بتيار هذا الشارع.
لكني أعلق على مجموعة كبيرة من المشاركات كانت كلها تؤكد أن المقطع المصور لم يكن مزوراً، بل إنه حقيقي وأنه لدنيا سمير غانم بشحمها ولحمها، وتجمع هذه المشاركات على أن دينا مذنبة ذنباً لا يغتفر، وأنها واقعة في وحل الخطيئة…
لستُ هنا أدافع عن تصرف صاحبة الصورة، لكني أقول إن مقطع الفيديو الذي تم تصويره بكاميرا هاتف متنقل، ويظهر فتاة ترتدي ملابسها الداخلية داخل دورة مياه منزلية ثم يدخل المصور عليها على حين غرة ويقول إنه: “لقطها” فتبتسم بطيبة لا تخلو من السذاجة كالمغلوبة على أمرها بإقرار كامل منها…
هذا المقطع ذكرني بالجملة الشهيرة التي قالها المسيح عليه السلام يوماً: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر!
كل المعلقين من القراء سل سيفه وامتشق حسام كمبيوتره وكتب منتقداً ومؤكداً صحة الصورة، ورافضاً المشهد…
جميل… لكن أين شاهدتم هذا المشهد أيها الطاهرون الأبرار؟!
تأكيدكم صحة ما في المشهد، يدل أنكم كلكم تابعتم هذا المشهد!
هذا المشهد لم يكن مقطعاً تم بثه في التلفزيونات العامة التي يلتقط بثها كل من هب ودب، ولا كانت اللقطة صورة في الصحف اليومية الواسعة الانتشار، إن كان في صحفنا ما يمكن أن يطلق عليه تجاوزاً واسعة الانتشار… ولا نصبت الصورة في حوامل الإعلانات الشاهقة وسط الشوارع وفي الأزقة والممرات!
بل كان مشهداً ينتقل كالإشاعة، لا من فم إلى فم، بل من هاتف شخصي متنقل، إلى آخر. ولا تنتقل هذه المواد إلا برغبة من صاحب الجهاز، ولا يشاهد أحد مقطعاً يزيد وقته على الدقيقة بالخطأ…
أنتم يا هؤلاء مشتركون في الجريمة، ومعظمكم طرب عليها وربما تمايل، لكن ليس فيكم شجاع يتوقف عن ممارسة الأقنعة المزدوجة، ويتنازل عن التناقض بين ما يفعله في المساء، وما يقوله في الصباح.
لذلك كله لن نصدق مع أنفسنا، ونحن نمارس هذا التناقض الصارخ. المثال صغير لكنه ينهش في بنائنا العقلي والفكري والتربوي… ويا لطيف اللطف!.
جميع الحقوق محفوظة 2019