يولد في السعودية يومياً قرابة 600 مولود، الثقافة التربوية لم تتطور كثيراً. كثيرون يربون أبناءهم على التقاليد أكثر من تربيتهم على العصر والحياة. التربية أن تمنح ابنك فرصة العيش في عصره هو، لا في عصرك أنت، أن تتفهم الزمن الذي يعيش فيه. الفرق بين الجيل الحالي والذي قبله فرق كبير. ثورات تقنية، مستجدات ثقافية وعالمية. في السابق كانت التربية على عادات المجتمع والقبيلة أقصى ما يصل إليه الأب. العبء اليوم مضاعف على الأسرة. هناك مستجدات كثيرة يجب أن يأخذوها بالاعتبار، وأضرب مثلاً بالخصوصية التي كانت في السابق مفقودة نظراً لظروف العيش ومحدودية الإمكانيات. كان من الصعب على الابن أن يخفي شيئاً على أهله، وكذلك الفتاة. البيوت كانت صغيرة ومتراصة وينام الناس متلحفين الزحام.
ظاهرة الرقابة على الأبناء جيدة حين تكون بمستوى الرقابة المقننة لا المطلقة. حين تراقب كل تحركات ابنك، وكل سكناته تشعره بالغبن والإهانة، وكذلك الفتاة حين تتم مراقبتها، أو التصفح لجوالها، أو أخذه منها، أو مفاجأتها بحملاتٍ تفتيشية كما يفعل البعض. الواجب أن تكون الخصوصية محفوظة. وينقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: (لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)!
في أوروبا تقلصت مساحة الرقابة المطلقة على الأبناء، حيث تذكر دراسة بريطانية قامت بها شركة “وان بول” البريطانية عن طبيعة الممارسات على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أن: “أكثر من نصف أولياء الأمور يستخدمون الموقع بهدف التجسس على أبنائهم”. وقال الاستطلاع أن 11% من الأهل أسسوا صفحات خاصة بهم على (فيسبوك) لهدف وحيد وهو متابعة أولادهم.
“بينما قال 13%من الأسر المستطلعة إنهم دخلوا إلى الموقع بحسابات تعود لأصدقاء، وذلك بعد أن رفض الأولاد قبول دعوات الصداقة المقدمة من ذويهم على الموقع، ربما خشية من اكتشاف شيء ما يخفونه أو لمجرد اعتبار ذلك انتهاكاً لخصوصيتهم”.
بعضهم يراقب أولاده في كل مكان، في (تويتر)وفي (فيسبوك) وفي (البلاك بيري) وفي “(واتس آب)، وهذه تشكل أزمة حقيقية، إن الرقابة المهمة أن نغرس في الابن مسؤوليته الذاتية عن نفسه، وأن نعطيه الثقة التي تجعله يشعر بذاته، وبقيمته وبفرديته، أما التلصص والتجسس فهذا أسلوب قديم، لم يعد مجدياً على المستوى التربوي ولا الاجتماعي.
قال أبو عبدالله غفر الله له: 600 ضيف يوميا يحلون علينا في السعودية نازلين من أرحام أمهاتهم، ألا يستحقون منا تربيةً جيدةً متحضرةً بعيدة عن الشك والتجسس والتوجس؟!