من الطبيعي أن تكون المعلومة هي هدف الصحافي والباحث، لأن المعلومة هي مادة التحليل. والإعلام العربي أحوج ما يكون إلى المعلومة الواضحة والصحيحة. لهذا كان لوثائق “ويكيليكس” ضجة ضخمة لأنها فتحت ملفاتٍ عديدة، بغض النظر عن الصحة أو الخطأ لأي وثيقةٍ من “ويكيليكس” غير أن الضجة التي أحدثتها تعكس أهمية المعلومة وشحها وندرتها. والبعض يخاف من الصحافي الذي يمتلك المعلومة، على اعتبار اختراقه أمنياً من الموساد أو الإف بي آي أو السي آي إيه، ارتبطت في العالم العربي المعلومة الدقيقة بالهاجس الأمني للأسف الشديد.
الأستاذ: عادل العبد الكريم الذي يرأس شركة OR والتي تخصصت بإنتاج الأفلام الوثائقية، حدثني عن خوف ضيوف أفلامه من المعلومات التي بين يديه، لهذا سرعان ما يسألونه من أين أتيت بهذه المعلومة؟ ثم يجيبهم بأنه جاء بها من مراكز دراسات وأبحاث، غير أن بعضهم ينهي الحوار من شدة الخوف والاضطراب، اضطراب يهز الضيف من أجل توفر الصحافي أو الإعلامي على المعلومة الواضحة والصريحة والدقيقة، هذا الانسحاب من قبل الضيوف يجسد القلق بين المجتمع والمعلومة، لأن الكثير من الآراء السائدة لا يمكن نقضها إلا بفكرة تتضمن معلومة.
العبد الكريم نفسه، أنتج فيلماً بعنوان: “الملك عبدالعزيز والقوى العظمى” في هذا الفيلم أوجد معلوماتٍ كثيرة تنقض اعتقاداتٍ سائدة عن التاريخ السعودي. خذ مثلاً اعتراف بريطانيا بالمملكة العربية السعودية، والذي جاء متأخراً، هذه المعلومة تنقض الأفكار السائدة، وهذه هي ميزة المعلومة أن تصفّي ما علق بالذهن من أخطاء معرفية، أو أوهام فكرية.
كل معلومة خاطئة يجب أن تطرد بمعلومةٍ صحيحة. المعلومات شحيحة، وقيمة الصحافي والإعلامي أو الباحث في إيجاد المعلومة ثم توظيفها والبحث فيها.
قال أبو عبدالله غفر الله له: والمعلومة من دون صهرها وإذابتها في عمليات التحليل والبحث والمقارنة والأسئلة تصبح مثل المواد الثمينة المرصوفة من دون توظيف. قيمة الصحافي في جمعه للمعلومة ومن ثم استخدامها عبر الأدوات التحليلية. والمجتمعات الحية لا يخيفها الصحافي الذي يمتلك المعلومة، بل عليها أن تخاف من الذي لا يمتلك المعلومة، أما حين تجتمع المعلومة مع التحليل والتفكير والتمييز والفرز، هنا تكون العملية الإعلامية أو الصحافية أو البحثية ” نور على نور.. يهدي الله لنوره من يشاء”.