“مداخلة واحدة لعضو الشورى كل شهر”. هذا هو عنوان خبر “الوطن” أمس حول مجلس الشورى والذي سرد إحصائيات المداخلات تبعاً للجلسات والموضوعات المطروحة!
مجلس الشورى أنشئ بعد شعور المجتمع والحكومة بحاجته، لأنه يمثل القبائل والمناطق والتيارات، التمثيل الموجود في مجلس الشورى تمثيل نوعي وليس تمثيلاً قائماً على الخبرة فقط. لأن الكثيرين من الأعضاء لا تسمع لهم أي صوت، يدخلون الدورات تلو الدورات من دون أن نشعر بهم، أو أن يختلفوا معنا، أو أن نختلف معهم.
عامٌ كامل ألقى فيه كل عضو 14 مداخلة فقط، حوالي مداخلة شهرياً أو أقل من مداخلة، لستُ خبيراً في دهاليز الأنظمة واللوائح والتشريعات، لكنني أعتقد أن فرصة النطق إذا لم يعطها المجلس لأعضائه فكيف بإمكانهم أن يحوزوا على فرصة التأثير والتغيير؟!
الغريب والعجيب في الوقت نفسه أن الخبر جاء فيه أن المجلس أقرّ 154 قراراً 34 قراراً منها كانت في الأنظمة واللوائح. وإليكم نماذج من الأنظمة التي ناقشها المجلس:”منع المركبات التي تقل حمولتها عن 25 راكباً من دخول مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ونظام المقيمين المعتمدين، ومشروع نظام إدارة النفايات البلدية الصلبة، ونظام أخلاقيات البحث على المخلوقات الحية، ومشروع إيرادات الدولة، وتعديل بعض مواد نظام التقاعد العسكري، ولائحة المسؤوليات والغرامات الخاصة بمنع التدخين داخل المطارات، والاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية، ومشروع تنظيم جائزة خادم الحرمين الشريفين للمخترعين والموهوبين، ومقترح تعديل نظام الكهرباء، ومشروع الاستراتيجية الوطنية للنقل، والترتيب التنظيمي لمصانع المياه المعبأة وغير المعبأة ومصانع الثلج، ومحلات تقليل الملوحة، وخطة التنمية التاسعة، وإعطاء المناطق الأقل نمواً حوافز إضافية يستفيد منها جميع المستثمرين لتنفيذ استثماراتهم، ونظام البذور والتقاوي في دول مجلس التعاون”.
هذه المناقشات كلها على العين والرأس، وبالذات النقاش حول “البذور”. لكنني كمواطن وإنسان مراقب أجدني أسأل عن موقع القضايا الحساسة من الإعراب في مجلس الشورى، الفساد، البطالة، كارثة جدة، هل من إجراءات يقترحها المجلس على الحكومة؟ وهل من أنظمة ولوائح جديدة تستوعب أدوات وحيل الفساد الجديدة التي تنخر في جسد الوطن وتهز من بنيته التحتية؟
مجلس الشورى يجب أن يكون قريباً من هموم الناس، إنني متأكد من أن النقاش حول “البذور” له أهميته، لكنه ليس مثل أهمية ما يشغل الناس هذه الأيام ويدور في فلك اهتماماته وطموحاته.. فهلا وعيتم هذا البعد بينكم وبين الناس يا أعضاء مجلس الشورى الموقرين؟!