قبضت القوات الأميركية على الرئيس العراقي السابق: صدام حسين في 13 كانون الأول (ديسمبر) من عام 2003 في حفرة في مزرعة قريبة من مدينة تكريت (180 كلم شمال بغداد) مسقط رأسه. وأعدم صدام (69 عاما) في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2006 شنقا في أحد سجون بغداد أول أيام عيد الأضحى بعد إدانته بقتل 148 من أهالي بلدة الدجيل (شمال بغداد) إثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1982.
حين قبض على صدّام لم يتخيل الكثير من الناس أن عربياً سينبري للدفاع عن صدّام حسين، لكن المفاجأة أن المئات من المحامين العرب قدموا خدماتهم المجّانية للدفاع عن صدام. لا يمكننا إغفال دور المحامي: خليل الدليمي، الذي أصبح مقرباً من صدام، فقد اختاره دون كثيرين لنقل مذكراته، طبقاً للدليمي، الذي طبعها مؤخراً في كتاب تحت عنوان: “صدّام حسين من الزنزانة الأميركية”. يقول الدليمي: “واكبت الرئيس بمفردي، خاصة في العامين 2004 و2005”.
ويصيف: “كان الرئيس ـ صدّام ـ ممتعضاً مما يسميه تزوير الحقائق والشيطنه، وكان يتوقع أن الأميركان جادون بتصفيته خلال فترة الاعتقال لغايات التخلص منه ولطمس الحقائق، فعرضت عليه الفكرة وأيدها تماما، وكان الكلام المباشر بطريقة الإملاء أو الرد هو الطريق الوحيد المسموح فيه لنا من قبل الأميركان، وكان الرئيس غالبا ما يطلع بنفسه على مضمون ما أقوم بتدوينه، وكان يؤكد لي أن اطّلاعه ليس من باب الريبة، وإنما من باب خشيته من عدم قدرتي على التواصل معه بالكتابة، لأنه كان يتكلم بسرعة بسبب الوقت، وفي أحيان كثيرة كنت أطلب منه إعادة هذا المقطع أو تلك الجملة”.
قلتُ: وقصة صدام لا يمكن أن تنسى، بل إن قصصه الكثيرة بكل ما حملته ساهمت في تشكيل المنطقة على ما هي عليه، يرى البعض أن ممارساته كانت “جهادا”. ويرى آخرون أنه كان “طاغيةً” من طغاة العصر.
أظن أن موقف الشعوب العربية من صدام حسين يحتاج إلى الكثير من الدراسات، والكثير من الوقت ليبتعد عن العاطفة ويصبح أكثر موضوعية. بقي الدليمي مقتنعاً بما فعله مع صدام حسين، ولا غرابة أن تكون مذكرات صدام من أكثر الكتب مبيعاً، نظراً لما حملته من مواقف وذكريات.
يرى البعض أن الدليمي أخطأ في دفاعه عن صدام، فيما يراه فريق آخر نموذجاً قومياً للتآزر مع حاكم عربي وقع في يد المستعمر الأميركي الجديد. قديماً قيل: كل برأيه راضٍ، وأحسب أن كلاً برأيه أيضاً راض.
جميع الحقوق محفوظة 2019