“المدرسة بلا أسوار”. هذه هي الملاحظة التي أبداها ابني عبدالله وأنا أذهب معه إلى مدرسته في كندا. دخلها وهو ابن ثلاثة عشر ربيعاً. إنها ملاحظة دقيقة، تذكرت مدارسنا، التي توضع أحياناً في مبانٍ مستأجرة، وفي الغالب يوضع حارس معه العصا، ثم يدخل الطلاب وكأنهم يساقون إلى مرعى، ثم خذ ما شئت من القوانين الارتجالية، ربما خصم على الطالب درجات طائلة بسبب طول شعره، وربما منع الطالب من الامتحان لأن ثوبه طويل، تفاصيل صغيرة تؤسس لمعنى تعليمي مغلوط، وخطير في الوقت نفسه.
ومع استنارة وعصرية يمتاز بها وزير التعليم الحالي الأمير فيصل بن عبدالله غير أن التعليم لا يمكن إصلاحه من خلال عمل وزير لبضع سنوات. التعليم بنية متشابكة، ما بين النفوذ التاريخي لعملية التعليم في السعودية التي تأسست وفق شكوكية بخطورة ما يمكن أن يطرح للطلاب، وصولاً إلى أن التعليم تأسست أنظمته قديماً ولم تمسّ، وإلى اليوم يعتني المدرّس بتفاصيل شكلية لدى الطالب بينما يهمل التوقد الذهني والتنمية المعرفية، ولم يخطئ البعض حينما حذّر من تحوّل المعلم إلى “داعية” ولا أن يتحوّل المدرس إلى “مثقف” يزعج الطلاب بمعاركه الشخصية، وذلك لئلا تتحول حصة التعليم إلى ساحة حرب بين التيارات.
فلنقارن حال التعليم في مدارسنا بما ذكره جايمس سترونغ في كتابه: “مميزات المدرس الفعال” يقول في ص83 من كتابه الجميل: “إن التعليم عمليّة معقّدة تشمل التحضير الحذر، والتخطيط لأهداف ونشاطات على أساس الساعة، اليوم، والأسبوع. علاوةً على ذلك، يضمن التخطيط على المدى الطويل تغطية المنهج خلال فترةٍ محددة، لفصل وسنة. بالإضافة إلى ذلك يظهر المربون الفعّالون توقعات عالية من ناحية التلاميذ ويختارون استراتيجيات لدفع التعلم لدى التلاميذ. إذا ذهبنا أبعد من التخطيط وإعداد المعدات، يتضمّن التخطيط الفعّال للتعليم تطوير التوجيه الدقيق نحو التعليم والتعلّم بصفته المحور المركزي لنشاط الصف”.
إذن التعليم هو المحور المركزي، أما طول ثوب الطالب، أو طول شعره فليس من التعليم في شيء، إذ لكلٍ خياراته في الحياة واللبس والشكل، والمعلم ليس مخولاً بالتدخل في هذه المسائل الشخصية.