يشتكي أحدهم من مسؤولٍ حكومي لم يتعامل معه بالشكل الأخلاقي، عندما جاء صباحاً إلى المكتب. المشهد الذي أمامه مكاتب ضخمة فيها سكرتارية، طاولة على الجانب الأيمن فيها من “دلال القهاوي” و “القدوع”، وصولاً إلى المكتب الكبير الذي لا يفصل بينه وبين صاحبنا إلا باب كبير مزركش. يقول إنه طلب من السكرتير مقابلة ذلك المسؤول، غير أن السكرتير طلب منه الجلوس، سلّم أمره لله وجلس، أعطوه من الفناجين حتى ارتوى، لكن لم تحن فرصة الدخول على ذلك المسؤول. ساعة وأكثر وهو ينتظر، إلى أن حانت فرصة الدخول المرتقبة. حمل نفسه ودخل، وما إن خطا خطواته باتجاه المسؤول المحاط بدخان البخور الأصلي، والشماعة على شماله وقد ازدانت بأصنافٍ من “البشوت” حتى رمقه بعين صغيرة ثم طلب منه إيضاح ما لديه خلال دقيقتين وبسرعة.
ارتبك صاحبنا ثم باح بما في نفسه، ثم أخذ المسؤول ينهر المراجع الذي لم يكن إلا طالب حقٍ. وبغض النظر عن سبب رفع الصوت أو “التهزيء” أو التلفظ بما شذّ من الألفاظ غير أن أي سببٍ من الأسباب لا يبرر للمسؤول أن يتعامل بانتقاصٍ مع مراجعٍ من المراجعين، لأن الإنسانية محفوظة للجميع لا يحق لأحدٍ انتهاكها، مهما كانت الأسباب. حين يخالف الشخص يُجازى وفق الأنظمة والقوانين، وحين يجرم تُبلغ عنه السلطات، لكن كرامة الإنسان لا تخترق تحت أي ذريعة ولا يبرر ذلك بأي سبب.. خرج الأخ منكسراً حزيناً، لكنه استغرب أن يكون المسؤول الذي انتظر لقاءه ساعة بهذا الشكل من التوتر وسوء الأدب.
المسؤول هو موظّف لخدمة الناس، هو وسيط بين الدولة والمجتمع. أن يضع كتيبة من السكارتارية تنحصر مهمتهم في عدم إدخال الناس فهذه مشكلة! ما فائدة هذه الكتائب من السكرتارية أمام المكتب؟! وما الجدوى من المشالح وكل “الهيلمان” الذي وضعه بجواره؟! الجواب: لا شيء، سوى التضخم الذاتي واحتقار الناس والغرق بنشوة المنصب.
قال أبو عبدالله، غفر الله له: حتى ولو كان المسؤول وكيل وزارة أو كان وزيراً، عليه أن يستمد أخلاقه من المسؤولين الكبار في الدولة، الذين يحترمون الكل من دون تمييز، وهيئة حقوق الإنسان على اطلاعٍ واسع بالظلم الذي يوقعه بعض المسؤولين على الأفراد من دون وجه حق! فماذا فعلت؟! قصة صاحبنا التي ذكرتها تحدث كثيراً، لكن ثم ماذا؟
ما الإجراء المطلوب بحق المسؤول “المنتفش” كالطاؤوس؟!