في المدينة – أي مدينة – بعض الوسائل يجب أن تكون أحياناً غاياتٍ بذاتها. المطارات ليست مجرد مبانٍ لإيواء المسافرين وتهيئتهم للانتقال إلى الطائرة، بل هي واجهة للبلد كله. يمكن أن يحتوي المطار على ما يحبب الناس للبلد الذي ينزلون إليه، وربما حوى كل ما ينفرون منه.
المطار هو أول ما يدخله الزائر وآخر ما يزوره. ولننظر إلى المطارات الكبرى في العالم، نراها تتوفر على كل الشروط الأساسية لرسم ذكرىً حسنة في ذاكرة الزائر.
المطار هو الواجهة وهو قلب المدينة وهو ذاكرتها. وإذا أردنا أن نحسّن من سمعتنا السياحية فلنحسن من مطاراتنا أولاً وقبل كل شيء.
وأول من يحتكّ به الزائر رجل الجوازات، فإذا كان بشوشاً سهلاً سمحاً، يتعامل مع الزائر بكلمات الحمد على السلامة، والأمنيات بأن يستمتع في زيارته، مع رسم ابتسامةٍ واسعة.. حين يكون رجل الجوازات بهذا المستوى من السخاء النفسي والروحي والأخلاقي فإنه يساهم في تحسين صورة البلد. بعض الموظفين في الجوازات تراه إذا ما جئته مقطّباً، ويتعامل بمنطق الشك مع الزائرين، وينظر إليهم بريبة، فيخلط بين مهنة رجل الجوازات ومهنة رجل الأمن. وبعضهم يجتهد بوضع مسار للرجال وآخر للنساء في صفوف الجوازات مع أن هذا لا حاجة لنا به، فالكل أمام الكل ولن يحدث ما يكره أو يعاب.
ثم نأتي لمبنى المطار، والذي إن كان مجهّزاً بكل ما يحتاجه المسافر، من نظافةٍ وتعدد خياراتٍ، وسعة مسارات فإن المسافر يشعر بالأمن والطمأنينة. وحين يكون مبنى المطار خرباً يقنط الناس، ويتمنون الخروج منه، حتى لا يعودوا إليه، فيتعاملون معه كمحطة من محطات السفر، لا كواجهةٍ حقيقيةٍ من واجهات البلد. وإذا أردت اختبار حب الناس لمطار فانظر عدد الذين يصورون الأماكن والمبنى، حين لا تكاد تجد من يصور أي شيء، فإنك ستعلم أن الزائر لم يلفته أي شيء في المبنى!
قال أبو عبدالله، غفر الله له: والمسافر دائماً يحتاج إلى من يطمئنه في المطارات لا إلى من يشكك فيه، أو من ينهره، أو يسيء تعامله. ولنا في الدول التي تقدمت مطاراتها قدوة حسنة، وآمل أن تكون مطاراتنا في قادم الأيام مغريةً للأجانب في تصويرهم وزياراتهم وطمأنينتهم.