واحدة من القصائد الفذة يتحسر فيها أبو تمام على أيام الفراق التي لا يفوت منها يوم إلا ويقبل يوم ثانٍ أشد شوقاً وفداحة تكون فيه الحشا كلها حسرات، لكنه رغم ذلك وكعادة العاشقين لا يستبدلون الحب بحب أجد ولا ينكرون العهد بل يظلون أبداً على العهد الأول. ولذلك فالعاشق كما يرى الشاعر مفردٌ في شوقه وفي بثه ولا يشبه إلا سواه.
جَزَى اللّهُ أَيَّامَ الفِرَاقِ مَلامَة ً كما ليسَ يَوْمٌ في التَّفَرُّق يُحْمَدُ
إِذَا ما انقَضَى يومٌ بِشَوْقٍ مُبَرحٍ اتى باشتياقٍ فادحٍ بعدهُ غدُ
فلم يبقٍ مني طولُ شوقي اليهمِ سوى حسراتٍ في الحشا تترددُ
خليليَّ ما أرتعتُ طرفي ببهجة ٍ وما انبسَطتْ مني إِلى لذَّة ٍ يَدُ
ولا استحدثت نفسي خليلاً مجدداً فيُذْهِلُنِي عنه الخَليلُ المُجَدَّدُ
ولا حلتُ عن عهدي الذي قد عهدتما فدوما على العهدِ الذي كنتُ اعهدُ
فإنْ تَخْتلُوا دُوني بِأُنْسٍ ولَذَّة ٍ فإِني بِطُولِ البَث والشَّوْقِ مُفْرَدُ