التفكير بمصلحة الوطن ليس مسؤولية تيار أو جهة، بل مسؤولية كل إنسان. ولا يمكن لأحد أن يطرح نفسه على أنه المخلص الوحيد دفاعاً عن الوطن أو مكتسباته. وحين لا يكون للإنسان موقف معلن تجاه أمر من الأمور؛ فهذا لا يعني أنه يؤيد أو يعترض. من أبسط حقوق الناس أن تصمت أحياناً! محاسبة الصامتين لا تكون إلا في أوكار فكرية تشبه “محاكم التفتيش”، حينما ينطق الإنسان فإنه حال نطقه يكون محاسباً على آرائه، أما حين يصمت فإن الصمت ليس تعبيراً عن فكره.
مشكلة الأزمات، تكمن في تجارها من المتربصين الذين لا يلوون على شيء، يريدون أن يقتصوا من خصومهم تحت ذرائع واهية تقوم على المزايدة في مسألة الوطنية. والمواطنة لا تحتاج إلى أن تكون ممهورة بشهادةٍ من الشامتين الذين يتهمون الآخرين وهم قابعون سراً وراء الشاشات، وحين تتهم شخصاً ما بأنه خائن من خلال رأيٍ لم يشرح جيداً، أو من خلال صمت الصامتين، فإن هذه جناية على الناس، وافتئات عليهم.
ليل الجمعة اتصل بي صديق من العائلة المالكة السعودية، وقال لي تعليقاً على عدم خروج السعوديين في مظاهرات، إن هذا الشعب، يستحق أن يخدم بأقصى ما يمكن. قلت له: السعوديون لا يريدون أحداً يحكمهم غيرآل سعود، وينظرون لما فعله جدك عبدالعزيز، باعتبارأنه منجز وطني تاريخي، ولذلك بات لديهم بطلاً تأريخياً، حتى مع كونه حارب معظم قبائل الجزيرة في ملحمة التوحيد، غيرأنه لم يتعاط بعد الوحدة مع قبيلة على أنها مذنبة، ولا مع أبناء خصومه على أنهم أبناء الأعداء، بل قرب الخصوم، فخصومة الأمس انتهت، وباتت تاريخاً.
لهذا يعتبرعبدالعزيز ملهماً، ومتقدماً على عصره، فقد كان يسبق الناس والمجتمع في التطورالاجتماعي والاقتصادي والسياسي، بل والديني. لم يخرج الناس يا صديقي في مظاهرات، لأن هذه الأرض تعنيهم مثلما تعنيكم. أنتم حكامنا، لكن الاستقرار مهمتنا مثلما هي مهمتكم، غير أننا ننتظر دوماً إصلاحاً وتطويراً وضرباً لهامة الفساد. الفساد هذا الذي نتحدث جميعاً عنه، لكننا لم نرأحداً حوسب عليه! حسناً، لنترك الماضي، ولنفكر في المستقبل.
نريد مستقبلاً بلا فساد، ونرجو ألا يكون سقف هذا المطلب مرتفعاً!