من عجائب الزمن، أن يذهب الرجل مع زوجته إلى مكانٍ لشرب قهوة أو تناول فطيرة ثم يدخل عليهما من كل باب رجال غلاظ شداد لا يعطونك أي إثباتٍ أحياناً حول تعريف عملهم، ثم يسألونك عن زوجتك، هل هي امرأتك؟ ثم إذا أجبت أنها امرأتك لا يصدقونك، بمعنى أنهم يسألون وهم لا ينتظرون الجواب وإنما ينتظرون “الاعتراف” بجريمةٍ افتراضية لا توجد إلا في أذهانهم. ثم تتسلسل الأسئلة: “وش لون” ثلاجة بيتكم؟ ثم يذهب مندوبهم ليطابق إجابة المرأة مع الرجل للتأكد من كونها زوجته؟! إنها ببساطة من العجائب التي نتمنى أن تنتهي قريباً وأن تضمحل، وهذا ليس رأيي أنا، بل رأي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك، في تصريحٍ لافتٍ له أخيراً.
يقول الأمير: “رجل الأمن والموظف والجندي والمراقب يعرفون واجباتهم وحقوقهم؛ فلا يجوز أن أذهب وأسرتي إلى محل تجاري ويأتي كائن من كان ويسألني إذا كانت هذه الأسرة أسرتي أم لا؟ فإذا كنت مخطئاً فالله سبحانه وتعالى يحاسبني، ولا يجوز بناء التهمة على شك أو إخبارية. لماذا يقدم الشك على الظن الحسن؟ لا يجوز لأي كائن من كان أن يدخل منزلاً لأي غرض كان إلا بعد استكمال الإجراءات النظامية المعروفة في العالم أجمع، وليست في المملكة (فقط)، ولا بد من أسباب وإذن وموافقة من جميع الجهات المتخصصة إلى أن يأخذ موافقة أمير المنطقة نفسه، أما ما عدا ذلك فلا يجوز لأي جهة من الجهات الرقابية والأمنية أن تدخل بيتاً من غير إذن صاحبه أو من دون الإجراءات النظامية بأي حال من الأحوال، وليس فقط البيوت بل حتى في الأماكن العامة”!
قلتُ: وهذا هو مربط الفرس، ألا يغزى الناس في المطاعم والمقاهي من أجل البحث عن “متلبّس” بين آلاف الأبرياء، ولا أدري إن كانت تلك الجهة تريد من الناس أن يحملوا في جيوبهم “صكوك الزواج” حتى وهم في الطريق إلى السوبرماركت لشراء أغراض البيت! إن هذا الارتجال في أداء المهام، وهذا الضغط على الناس في أماكنهم الخاصة يعتبر إهانةً للبشر والإنسان والفرد. إذا كان من أحدٍ قد تلبس فيمكن للجهة أن تذهب إليه مباشرةً من دون التلصص على الآخرين وابتزازهم بأسئلةٍ ليس من حقهم طرحها أبداً، ويسألونك أسئلة لا يصدقونك على إجابتها لأن الأصل التهمة لا البراءة والأصل سوء الظن لا حسن الظن.. هل هذا معقول؟!