إن تجاوزنا المصطلح وقبلنا وصفنا بأننا أمة تستوفي معاني الكلمة، بالنظر إلى حالة التشرذم التي نعيشها، فإننا لم نستطع دينياً أن نوحد مطالع الشهر القمري، فصام بعضنا الخميس، وبعضنا الجمعة، وآخرون لم يرضوا بهما، فصاموا السبت، ربما ليؤكدوا لنا أن رمضان ليس شهر عطلة، بل هو شهر عمل وجد، وحقيق بشهر كهذا أن يبدأ في يوم عمل لا يوم إجازة.
ولئن كان مقبولاً آن تتباين المطالع يوم كان الخبر يستغرق أياماً وأسابيع لينتقل من مكان إلى آخر، فإنه في زمن الطفرة التقنية، مخجل أكثر من كونه واجباً، أو مطلباً.
وكما في دخول رمضان، فالحال متشابه مع العيد التالي للشهر الفضيل.
وعندما يشرئب عنقك بحثاً عن نَفَس تفاؤل، لابد لك أن تطأطئ رأسك منكسراً، فالعيد الكبير، عيد الأضحى، ليس بعيداً عن دخول رمضان ولا خروجه، فمع أن المنطق يقول إن تحديد الدولة التي ترعى الحج جغرافياً وخدماتياً يوم عرفه ويوم العيد، يمكن أن يسع بقية الدول، وبخاصة أن عيد الأضحى مرتبط بأيام الحج، من يوم عرفة ويوم النحر، إلا أننا كمسلمين وعرب نعمل بما يشبه اعتقادنا بأن قبول تحديد دولة أخرى تكفينا مؤونة التحري أو الحساب، هو نقص في سيادتنا، وتدخل في شؤوننا الداخلية، وافتئات على سلطاتنا الدينية، وفي الأمثال يقولون:”ما فيش حد أحسن من حد”- وقبل أن يتبادر إلى ذهن قارئ أن حد الأخيرة هنا مرتبطة بالأدوات الحادة أقول إنها عامية أحد، وإذا كان عيدهم اليوم، فنحن قادرون، جسدياً و نفسياً وعقلياً، أن نجعل عيدنا أمس لنسبقهم في الفرحة، أو حتى في الغد لنستمتع بالفرح بعد أن يغادرهم!
هذا في الأعياد والمناسبات الدينية، أما في السياسة، فحدث ولا حرج، إذ أننا أمم تقمع التعددية داخل بلداننا، ونتمادى في ممارستها في سياساتنا الخارجية، إلى درجة التناحر والتطاحن… والردح أحياناً، والأمثلة، تغضب الرقيب، ولا تضيف للقارئ الكريم جديداً، فأضرب عنها صفحاً! منظماتنا الإقليمية في أحسن أحوالها كسيحة عرجاء، وفي حالها الطبيعية تنتظر رصاصة الرحمة، أو أنها تعيش الموت الأكلينيكي.
في الصحافة، وهي انعكاس لثقافة المجتمع ووعيه، مجموع توزيع الصحف العربية مجتمعة لا يصل رقم توزيع صحيفة واسعة الانتشار في اليابان وحدها، هذا مع الأخذ في الاعتبار أن الأرقام المتصلة بصحفنا هي الأرقام التي تقدم إلى المعلنين، ونحن قومٌ لا نعرف للكذب طريقاً، لأنه في وسط منازلنا ولا حاجة لنا أن نسلك إليه طريقاً!
وفي الثقافة التي تشكل الترجمة جزءاً رئيساً منها فجيعة، وما أكثر فجائعنا، حيث تقول المعلومة المستندة إلى تقرير التنمية العربي الصادر عن الأمم المتحدة إن عدد الكتب المترجمة في أسبانيا سنوياً يزيد على ما ترجم إلى العربية منذ عهد المأمون الله يرحمه ويبشبش الطوبة اللي تحت رأسه، وحتى عصرنا هذا.
تقرير التنمية يعج بمعلومات أخرى (تقرأ على وجهين، بفتح الهمزة وضمها)، تسمّ البدن، إلا أن يكون الضرب في الميت حراماً…
حقاً… يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!.
جميع الحقوق محفوظة 2019